علي محمد سعيد* – خاص الناشر |
منذ بداية الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية وانهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار الاميركي نسمع بأننا سنصبح مثل فنزويلا أو أننا سنصل الى النموذج الفنزويلي في مستوى انهيار العملة.
أولًا: ما هو النموذج الفنزويلي؟
عاشت #فنزويلا أسوأ أزمة اقتصادية ومالية على مر التاريخ والتي كانت في أوجها منذ عام 2016 عند حصول التضخم المفرط عندما أصبح معدل التضخم بمعدل 800 %. بعد ذلك وصل الى 4000 % في سنة 2017 وبعدها وصل الى 1.7 مليون بالمائة عام 2018 حتى ارتفع معدل التضخم بين عام 2016 وعام 2019 بنسبة 54 ،000 ،000 % .
سنستعرض بعض أوجه التشابه في النظام الاقتصادي والسياسي بين #لبنان وفنزويلا.
أهم أسباب الأزمة الفنزويلية التي أدت الى سرعة الانهيار :
النظام الاقتصادي المتبع.
الفساد بكل جوانبه؛ المرتبة 173 عالميًا.
سوء إدارة الأزمة .
الحصار الأميركي.
الأزمة السياسية.
بالنظر الى النظام اللبناني فإننا نعاني من :
نظام اقتصادي سيئ: حيث إننا منذ العام 1992 لم يكن لدينا أي قطاع إنتاجي لا زراعي ولا صناعي وجميع المؤشرات كانت تدل على تراجع في قطاع الزراعة والصناعة، وكان النظام الاقتصادي في لبنان قائمًا على قطاع السياحة وقطاع المصارف، أي على قطاعين خدماتيين يتأثران بسرعة بأي حدث محلي أو عالمي إن كان حربًا أو مرضًا مثل الكورونا أو أي أزمة سياسية داخلية، بالإضافة الى أن قطاع المصارف أثبت عجزه عن التصدي لأي أزمة بل كان سببًا رئيسيًّا في انهيار النظام الاقتصادي والمالي والنقدي.
الفساد: يستشري الفساد في كل دوائر مؤسسات الدولة اللبنانية حتى أننا أصبحنا بالمرتبة 150 عالميًّا من حيث مؤشر الفساد هذا إن لم نتجاوز هذه المرتبة.
سوء إدارة الأزمة: 4 سنوات على الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية ولغاية اليوم لم تستطع الدولة اللبنانية بمؤسساتها التشريعية سن أو إقرار قانون يحمي المودعين أو يحاسب الفاسدين. أيضًا فإن مؤسسات الدولة المالية والنقدية والاقتصادية لم تستطع وضع خطة تحد من الانهيار.
بروز المضاربين على العملة: مما ساهم بشكل كبير في انهيار العملة هو بروز الكثير من المضاربين والذين ساهموا بتسريع انهيار العملة. وكان للمصارف والصرافين وبعض السياسيين والنافذين دور مهم في عمليات المضاربة.
الحصار الاميركي: لقد أصبح واضحًا للجميع أن أميركا تحاصر لبنان من خلال عدم السماح لدول أخرى بمساعدته والضغط على دول وشركات عملاقة لعدم الاستثمار أو مساعدة لبنان وخاصة في مجال الطاقة والكهرباء، وأيضًا من خلال منع المؤسسات الدولية من مساعدة لبنان. وربما كان للحرب الروسية الأوكرانية أثر كبير في تفاقم هذه المشكلة.
الأزمة السياسية: منذ خروج السوريين من لبنان في عام 2005 لم يستطع اللبنانيون إدارة بلدهم؛ فمنذ عام 2005 ونحن نشهد انقسامًا سياسيًّا حادًّا أدى الى تفاقم بعض الأزمات والى تعطيل المؤسسات الدستورية لفترات طويلة مع عدم القدرة على انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون ولا بعده، بالإضافة الى الفترات الطويلة التي كانت تستغرقها الأحزاب السياسية لتشكيل الحكومات، فقد كنا نشهد أحيانًا مرور سنة لأجل مشاورات تشكيل حكومة أو حتى تسمية رئيس لها.
مما سبق نرى أننا نشبه بكثير من النواحي أزمة فنزويلا، مع ما شهدناه في الفترة الاخيرة من تسارع في الأزمة وانهيار العملة حتى أننا اليوم أصبحنا أمام تضاعف لانهيار سعر الصرف كل ثلاثة أشهر أو أربعة. جميع الأسباب المذكورة أعلاه وتسارع الأزمة ينذر وللأسف بأننا نسير على خطى فنزويلا هذا إن لم نسبقها.
لكن ما تأثير ذلك على الوضع العام في لبنان اقتصاديًّا واجتماعيًّا؟
المعلومات السابقة التي ذكرناها بالتأكيد سيكون لها تأثير كبير على الوضع العام في لبنان اقتصاديًّا واجتماعيًّا، ومنها على سبيل المثال:
انهيار مؤسسات الدولة: وهذا ما نشهده منذ بدء الإضرابات الواسعة في القطاع العام بكافة مؤسساته المالية والادارية والتربوية…
ضعف الجباية للضرائب والرسوم.
زيادة مؤشر الفساد.
انهيار القطاع التربوي والتسرب المدرسي.
زيادة نسبة الهجرة.
زيادة نسبة الجريمة (قتل وسرقة ومخدرات…)
التفكك الأسري.
انهيار أكبر للقطاع الاقتصادي وهروب الاستثمارات.
زيادة البطالة.
والكثير الكثير من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية مع ما لها من تأثير على المجتمع.
خلاصة ما سبق أننا نتجه نحو مأزق كبير اقتصاديًّا واجتماعيًّا على كافة المستويات وأننا ذاهبون الى النموذج الفنزويلي بكل جدارة وسرعة، وهنا يجب أن يدق ناقوس الخطر على كافة المستويات.
*خبير مالي واقتصادي
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.