التضخم.. سلاح بوتين السري لجعل أوروبا تدفع ثمن العقوبات

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

حين اتخذ الغرب قراره بفرض عقوبات اقتصادية مؤلمة على روسيا لم يعتقد بأن السلاح المستخدم في الحرب كسيف الساموراي الياباني. إذ من قواعده أن يتقاسم الضارب والمضروب قدرا من الضربة.

بدأت تداعيات العقوبات الروسية تطول بقوة الاقتصاديات الغربية. فيما يبدو أن خطة موسكو الملتوية تؤتي ثمارها. وهي قلب الشارع الغربي على حكوماته تحت قصف التضخم من أجل تخفيف العقوبات.

بينما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في منطقة اليورو إلى مستويات قياسية عند 5.8%. بحسب تقرير صادر عن المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي. ما يعني أن التضخم يركب هو الآخر مقاتلة فرط صوتية وينطلق بها.

اقتصاد أوروبا يعاني العقوبات
في ألمانيا تجمعت 250 شاحنة ضخمة في مسيرة احنجاجية ضد أسعار الوقود بمدينة هامبورج مساء السبت. وكتب عليها شعار موجه للمستشار الألماني: “توقف. أنت تدمرنا”.

وتأتي التظاهرة وسط حزم متتالية من العقوبات الألمانية ضد روسيا وتوقف مشروع خط الغاز الجديد. فضلا عن ارتفاع أسعار الطاقة في بلد صناعي يمثل عصب اقتصاد أوروبا أو بمعنى آخر “أوروبا واليورو هي ألمانيا”.

وتؤدي العقوبات والحرب إلى إبطاء إنتاج السيارات -فخر الصناعة الألمانية- فمصانع فولفسبورج موطن فولكسفاجن “سيارة الشعب” متوقفة لنقص الإمدادات.

الأمر ذاته مع أخوات فولكس فاجن من ماركات السيارات التي أغلقت مصانعها لارتفاع كلفة المواد الأولية والطاقة. فيما يزيد تكاليف إنتاج السيارات على كل الشركات وبالتالي أسعار بيعها وقدرتها على منافسة إنتاج الصين.

كما يوجد نقص بمبيعات السيارات الأوروبية بشكل عام. فيما الراغبون في الشراء قرروا تأجيل قرارهم لارتفاع تكاليف الوقود وغلاء المعيشة والتضخم الذي وجه الدخل نحو السلع الأساسية.

عقوبات عكسية من أوروبا إلى أمريكا
في الولايات المتحدة التي تتصدر العقوبات ارتفع سعر جالون البنزين لـ4.3 دولار. بينما تحاول الحكومة الضغط على كبرى الشركات المنتجة للنفط والغاز لرفع إنتاجها للخام لضبط الأسعار.

وأظهرت بيانات رسمية في الولايات المتحدة أن التضخم في البلاد قفز في يناير الماضي إلى مستوى 7.5% على أساس سنوي بأسرع وتيرة منذ فبراير 1982.

مراهنة بوتين على عدم تحمل الشعوب الغربية التضخم تؤتي ثمارها. فبحسب استطلاع للرأي أجرته شبكة “سي بي إس نيوز” أيد أكثر من نصف الأمريكيين عدم تدخل بلادهم في الأزمة الأوكرانية. فيما اعتبر 20% منهم أن نهج الرئيس “بايدن” تجاه روسيا “عدائي للغاية”.

حتى قبل الحرب الروسية كان الأمريكيون يرفضون تدخل بلادهم فيها. فشبكة “إيه بي سي نيوز” أجرت استطلاعا خلال يناير الماضي كشف أن 29% من الأمريكيين يدعمون سياسات “بايدن” بشأن أزمة أوكرانيا و38٪ من المشاركين يرفضون إرسال قوات إلى المنطقة.

مستشار اقتصادي بارز لرئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي توقع ملل الشعوب من ارتفاع الأسعار. ودعا في تصريحات لمجلة بولتيكو الأمريكية العالم إلى القيام بتضحية وتحمل ارتفاع أسعار الغاز المحتملة على المدى القريب. للمساعدة في إحباط الغزو العسكري الروسى وإنقاذ الأرواح.

بريطانيون على أعتاب الفقر
في بريطانيا قال رئيس الوزراء بوريس جونسون -الذي يفرض عقوبات شبه يومية على موسكو- إن العقوبات ستؤثر على المستهلكين في بلاده. موضحا أن الأمر سيتفاقم عند ضم الطاقة للعقوبات المفروضة على روسيا.

وبحسب ما نقلته وكالة بلومبيرج للأنباء عن “اتحاد الصناعات البريطانية” فإن 78٪ من الشركات تتوقع رفع أسعار الطلبات المحلية بسعر أعلى في الأشهر الثلاثة المقبلة.

وسيتكبد الاقتصاد البريطاني خسائر تتراوح قيمتها في تقديره ما بين 70 و75 مليار جنيه إسترليني بحسب تصريحات المالية البريطانية التي نقلتها فاينانشيال تايمز.

ويحذر تحليل جديد من أن نصف أطفال المملكة المتحدة سيكونون في أسر لا تستطيع تحمل تكاليف المعيشة بحلول أبريل من هذا العام. وقد يضطرون إلى التضحية بالضروريات اليومية في العشاء.

تتوقع الدراسات الاقتصادية حدوث أكبر انخفاض في مستويات معيشة البريطانيين منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين. بانخفاض قدره 1300 دولار بالمتوسط لكل أسرة بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية.

محللون قالوا إن العقوبات ستفاقم المشكلات التي تعانيها لندن وتتسبب في تحديات للمستهلكين في المملكة المتحدة.

لا تعتمد بريطانيا على الإمدادات الغذائية من أوكرانيا وروسيا. لكنها تعاني تأثير ارتفاع الأسعار الناجم عن النقص في الأسواق العالمية وارتفاع تكلفة البدائل. وأصبحت المنتجات الأخرى كالأسماك ولب الخشب المستخدم في التعبئة والتغليف والملصقات نادرة مع جفاف الإمدادات من روسيا وأوكرانيا.

بحسب فاينانشيال تايمز فإن مصنعي الطعام والشراب في مأزق لا يمكنهم أن يتوقعواا هدوءًا هذا العام في ظل الارتفاع الحتمي في تكاليف المدخلات -المكونات والمواد الخام والطاقة- وما إلى ذلك.

إحدى الشركات -حسب الصحيفة- قالت إنها تتوقع ارتفاع تكاليف الطاقة بنسبة تصل إلى 500٪ هذا العام.

وتعمل الشركات بشكل عاجل على تقليص المزيد من التكاليف من عملياتها ولا مفر من ارتفاع الأسعار.

لكن فرانسوا فيليروي دي جالو -محافظ بنك فرنسا- كان أكثر تحديدا حينما قال في مقابلة مع صحيفة “لو باريزيان”: “إنها صدمة اقتصادية سلبية. نمو أقل ومزيد من التضخم لكن بنسب لا تزال غير مؤكدة”.

مسؤول الأبحاث والاستراتيجية في “ساكسو بنك” -كريستوفر دمبيك- قال إن تأثير العقوبات الغربية الراهنة على الاقتصاد الروسي هامشية جدا. وذلك بسبب الاحتياطات النقدية وفائض الميزان التجاري. مضيفا: “نحن أمام اقتصاد مقاوم جدا”.

روسيا أقل تضررا من العقوبات
توقع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تضرر قطاعات اقتصادية عديدة من الاقتصاد الفرنسي جراء النزاع الروسي الأوكراني. قائلا إن “بلاده لا يمكنها الاعتماد على الآخرين في الغذاء والدواء”.

اعتبر البنك أن روسيا يمكنها المناورة أيضا عبر تكثيف التجارية مع الصين عبر عقود لتصدير الغاز وقعت لمدة 25 عاما. فاحتياطات المصرف المركزي الروسي تتضمن تنويعا فعليا مع اليوان والذهب. ما يجعل الاقتصاد الروسي أقل ارتهانا إلى حد بعيد لنظام الدولار. كما توجه موسكو صادراتها نحو جنوب شرق آسيا التي قدمت أفضل عروض سعرية لها.

محمد سيد احمد – مصر 360

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد