لبنان.. معارك لا تنتهي

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تتواصل حالة الجمود السياسي على مستوى الاستحقاقات الدستورية اللبنانية، لا سيما في ملفي تشكيل الحكومة، وانتخاب رئيس الجمهورية، وهي حالة عزّزها ما يُشاع بشأن تلاشي الآمال الأخيرة المتبقية لولادة حكومة جديدة تسبق موعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، مع ما عكسته مناخات الخطاب الأخير لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، في ذكرى 13 تشرين، حول حجم الخلاف مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي حيث وجّه اتهامات للأخير بالتعطيل وتضييع الوقت.

وبدا المشهد اللبناني في الأيام القليلة الماضية مشوبًا بتركّز الاهتمام السياسي والإعلامي على مناقشة آفاق حقبة ما بعد الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، بمزاياه، وعيوبه التي يصر البعض على تحميل المقاومة أوزارها، رغم أن الأخيرة لم تتدخل في الجوانب التقنية لخط الترسيم البحري، التي تولاها الجيش اللبناني، مع إصرارها على التمسك بتحصين الموقف اللبناني الرسمي الموحّد في هذا الشأن.

الاتفاق، وإنْ كان ينتظر إتمامه بعض الخطوات السياسية المطلوب اتخاذها سواء على مستوى لبنان، أو على مستوى كيان الاحتلال، قبل تسليم الرسائل للأمم المتحدة في الناقورة أواخر الشهر الجاري، كما كشف نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، فتح المجال أمام مؤشرات إيجابية لناحية حلحلة بعض المسائل الاقتصادية والحياتية للبنانيين، فعاد الزخم إلى مسألة استجرار الغاز المصري عبر الأراضي السورية، بعد زيارة قام بها وزير الطاقة اللبناني وليد فياض إلى القاهرة، بالتوازي مع عودة الاهتمام الأميركي من بوابة ملف الترسيم لإعادة ترتيب الوضع اللبناني بدءًا من الدفع باتجاه إطلاق محركات القرض الموعود من جانب البنك الدولي، البالغة قيمته 350 مليون دولار، بعد تجميده وعرقلته لأسباب سياسية معروفة ليست بعيدة عن التصورات الأميركية حول الملف ومسائل أخرى.

في هذا السياق، تبدو جلسة مجلس النواب المرتقبة، والتي سوف يكون قانون رفع السرية المصرفية أحد أبرز بنودها، واعدة، باعتبار أن هذا القانون يشكل أحد مطالب صندوق النقد الدولي، والجهات الدولية المانحة الأخرى لمساعدة لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية. وفي خضم تلك الأجواء التي توحي بحلحلة قريبة لأزمات لبنان، بدت تغريدة أطلقها السفير السعودي في لبنان وليد بخاري عبر حسابه على “تويتر”، والتي استبطنت تحذيرًا بداعي الخوف على “اتفاق الطائف”، ذات دلالات مهمة في التوقيت، فهي تستبق دعوة السفارة السويسرية لممثلي الأحزاب اللبنانية الرئيسية لعشاء جامع، وهي دعوة أثارت تكهنات الكثيرين حيال رغبة دولية برعاية اتفاق سياسي وصيغة حكم جديدة في لبنان.

واقع الأمر، أن الحديث عن صيغة انتداب أو شكل من أشكال الوصاية الدولية على لبنان ليس بالأمر الجديد، فهو مدار تكهنات رافقتنا منذ تفجر الواقع السياسي والاقتصادي في لبنان عقب احداث 17 تشرين الأول، وقد تعاقبت فصوله منذ لقاء قصر الصنوبر الشهير، فيما لا تتورع بعض المرجعيات اللبنانية النافذة عن الجهر به علانية بين الحين والآخر.

الثابت أن التوصل الى توافقات لبنانية “إسرائيلية” بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية شرع الأبواب أمام تبعات جمة محتملة على الواقع اللبناني على كافة الصعد، السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبنان. وعلى ما يبدو، وبعدما وضعت معركة تثبيت الحقوق البحرية أوزارها، فإن معركة أخرى على وشك أن تبدأ.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد