عندما يشعر العاجزون “بعقدة نقص” من الانتصارات

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

المهمة أُنجزت.. بكلمتين أنهى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المعركة الأخيرة مع العدو الإسرائيلي، والتي لم تحتج هذه المرة إلا الى بعض الإجراءات والتدابير والاستنفارات والمسيّرات لتحقيق الانتصار الكبير للبنان.

وكالعادة، هذه النتيجة اقتنع بها الإسرائيلي ولم يقتنع بها بعض الداخل اللبناني الذي وصل ببعضهم لدرجة “طقوا فيوزاتن” من هول الصدمة بعد إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية، بحسب ما وصفهم السيد نصرالله.
مفاوضات الترسيم من البداية حتى النهاية كانت غير مباشرة، فالملف ليس معاهدة دولية ولا ينطوي على تطبيع مع “إسرائيل” التي تعترف أنها لم تحصل على أي ضمانات أمنية، عدا عن أن الوثيقة التي سيحتفظ بها لبنان لا تحمل توقيعًا إسرائيليًا، والمسؤولون في لبنان تصرّفوا بدقة لعدم إعطاء شبهة تطبيع، أما وقائع التوقيع من ناحية الشكل فهي تؤكد أن أي حديث عن التطبيع لا أساس له وهو تجنِّ، خاصة وأن الكل يعلم أن توقيع الطرفين سيذهب الى الأمم المتحدة وليس تبادلًا بين حكومتين، يعني لا تنطبق عليه هذه الصفة.. فالذي يرفض هذه الفكرة الى هذه الدرجة، لماذا لم يُحرِّك ساكنًا منذ أكثر من ١٠ سنوات من المفاوضات وانتظر حتى اُنجز الاتفاق ووصفه بالتطبيع؟ رغم أنها بقيت عبر وسيط وغير مباشرة، يعني أنها خضعت لذات المعايير.. فما هي معاييره إذًا؟

أما بالنسبة للمقاومة، فهي تعاطت بعقلانية وواقعية مع الملف حيث أنها نأت بنفسها منذ البداية على أن تكون طرفاً في المفاوضات، وبالتالي هي معنية فقط بما التزمت به بالدفاع عن الحدود التي تُقرّها الدولة، ولم تنأ بنفسها عن توفير أوراق القوة التفاوضية لها، فالمقاومة ركّزت على الإنجاز كونها معنية بأمريْن: تمكين لبنان من قوة إقتصادية الى جانب القوة العسكرية وكسر أحد وجوه الحصار الأميركي. وهذا ما يُظهر ميزة المقاومة أنها تنتصر في معاركها ليس لأنها قوة لا تُقهر بل لأنها لا تختار المعارك الخاسرة..

من هنا، وكما شرحنا لكل المُشكّكين بمختلف أنواعهم، لا بد من التمييز فيما بينهم بحيث أن منهم أتباع سفارات يقومون بوظيفتهم الطبيعية لتشويه صورة المقاومة ومحاولة إسقاط مصداقيتها، كدافع رئيسي لهم، ومنهم مَن يقع في موقع الخصومة السياسية للعهد وتحت عنوان الكيدية السياسية يُشوِّه الحقائق ولا يعترف بأي إنجاز حقيقي له. أما المزايدون العاجزون عن تحقيق أي إنجاز يشعرون بعقدة نقص تجاه إنجازات المقاومة، فهم يعيشون خارج الواقعية السياسية والظروف التي تُحيط بلبنان، فيرفعون سقف توقعاتهم لأنهم يقتاتون على الشعارات لتعويض ضعفهم في التأثير. وأيضاً هناك الخبراء والتقنيون الذين ليسوا في موقع المسؤولية وليسوا معنيين بإنقاذ البلد إقتصاديًا ولا يملكون ما يخسرونه، فآرائهم شبيهة بالآراء الأكاديمية التي تحتاج الى تغذيتها بالنضج السياسي ومعرفة الزمان والتحديات الوجودية التي يواجهها لبنان.
وفي ظل كل هذا التشكيك من جهة وأزمة الثقة من جهة ثانية، لا بدّ من تسليط الضوء على الواثقين بقيادة المقاومة وبالقيادة السياسية الذين ينظرون الى الإتفاق كإنجاز سياسي كاسر للحصار الإقتصادي الأميركي وكإنجاز عسكري فَرض التوازن الأمني على العدو ويعترف بذلك قادته بأن الهاجس الأمني لديهم كان الدافع الرئيسي لموافقة حكومة الكيان على الاتفاق..

إذًا، وبعد كل ما قيل ويُقال، على الجميع التسجيل عندهم هذا الانتصار الجديد للبنان الدولة والشعب والمقاومة..

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد