جعجعة على الحطب.. فالزم حدودك!

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

ورد في وقت متأخر من مساء أمس خبر يتحدّث عن إشكال بين شبّان من القوات وآخرين من حزب الله على خلفية “التحطيب”. ويُتوقّع أن يتكفل الراعي بتخصيص عظته يوم الأحد للحديث عن فوائد التحطيب وآثاره الرائعة على البيئة وعلى المناطق الحرجية، ويدافع من خلال هذه المقدمة عن حق الحطابين في كشف نقاط المقاومة عند المنطقة الحدودية، بل بكشف كامل المنطقة المحاذية للشريط الحدودي، كي يحظى الصهاينة برؤية أوضح وكي يتسنى للعملاء الفارين إلى الأرض المحتلة ممارسة حقّهم بالنظر إلى موطنهم الأصلي دون حواجز تحجب أيّ حبة من ترابه. وقد ينفعل إلى حدّ المطالبة بإحراق كلّ أحراج المنطقة لأن مجد لبنان أعطي له.

هذه الكلمات هي ابنة الخيال حتى اللحظة فقط، وقد نسمع في الغد ما هو أعجب منها وأغرب، وهي ليست نتاج توقعات اعتباطية إنّما هي محاولة قراءة الخبر بلغة الراعي، ورعيّته السياسية.

في الوقائع، تحدّثت معلومات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي عن “قواتيّ ” وجد في عتم ليلة من ليالي الصيف مناسبة لقطع الأشجار في حرج، ومنعه الحراس من إكمال مهمّته التي بقيت مشبوهة حتى اللحظة التي ذهب فيها وعاد برفقة مجموعة جعجعيين للتهجّم على نقطة للمقاومة وافتعال إشكال مع المتواجدين فيها في ذلك الحرج. هنا، انتقلت مهمته من مرحلة الشبهة إلى مرحلة تقديم خدمات (قد تكون مجانية وبمبادرة فردية) للعدوّ الذي يحتاج إلى من يكشف له نقاط المقاومة على الحدود، المصانة بالدم والمحمية بأجفان العيون، كما يحتاج إلى من يسدي له خدمة اشعال فتنة ما في لبنان، ولا سيّما قرب الحدود مع فلسطين المحتلة.

وبعد أن “عمل عملته” وتلقى على ما يبدو ما يكفيه من التأديب بغاية تعليمه التأدب في العلاقة مع الطبيعة الحرجية ومع نقاط المقاومة على حدّ سواء، تولى الذباب الإلكتروني الذي يحوم وإياه على القُمة ذاتها (قمّة هنا ليست بمعنى أعلى نقطة في المرتفع، بل ما يتبقى من القمامة بعد الفرز) وبدأوا ببث أخبار فتنوية لا تمتّ إلى أدنى معايير المصداقية بصلة، حالها كحال معلّمهم، ومنها أن رجال المقاومة يحاصرون بلدة رميش!

لا حاجة هنا للحديث عن خلفيات التحطيب ونتائجه، ولا التنبؤ بالنيّة التي توجّه على أساسها القوّتجي إلى الحرج، ولا حتى للتذكير بطبيعة وشكل الحياة الاجتماعية في القرى الحدودية والتي وإن كانت لا تخلو من المناوشات الفردية حالها كحال أي تجمع سكاني، تحافظ على أواصر قربى وعلى احترام المقاومة ورجالها، فأهالي هذه البلدات هم أدرى الناس بأن أمانهم يكمن في الحفاظ على المقاومة التي تصون بيوتهم وأرضهم وعائلاتهم بوجه الطبيعة العدوانية الصهيونية.

المسألة برمتّها تكمن في كيفية تحويل ما سُمي بإشكال حول التحطيب في حرج يمنع القانون قطع أشجاره إلى خبر فتنوي أضيفت إليه البهارات القواتية الفاسدة عسى يتحوّل إلى فتنة. الجميل أن أوّل المتصدين للمسعى الجعجعي كانوا أهل رميش بالدرجة الأولى، من غير المصابين بلوثة “القوات” طبعًا. تلاهم في ذلك كلّ من سمع بالخبر ولا يحتاج تدقيقًا أو بيانًا كي يدرك أن مجرّد مرور كلمة القوات في جملة، في محلّ فاعل أو مفعول به، يُظهر الفتنة والسمّ واحتمالات الدم والغدر وتأدية الخدمات العميلة والهزيمة والسقوط، مهما بدت هذه العبارات مستترة.

وبذلك سواء قصد القواتيون قطع أشجار الحرج للإتجار بها أو للاستدفاء بها في آب اللهّاب، أو قصدوه لمآرب أخرى، فهم عرفوا أن الأحراج ولا سيّما الحدودية منها ليست وكالة من غير بوّاب، وليست “رزق سايب” أو قابل لأن يصبح “سايب” تحت عين العدو، وهي حتمًا ليست الطيونة!

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد