الإعلام المقاوم في الميزان

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تعدّى الإعلام، بأشكاله المتعدّدة، كونه وسيطًا ناقلًا للحدث والخبر. صارَ صانعًا للأحداث الكبرى وشريكًا في رسم السياسات والاستراتيجيات للدول والكيانات. انطلاقًا من هذه الحقيقة، وجدت وسائل الإعلام، والجهات التي تقف خلفها، نفسها أمام تحدّيات جديدة، زاد من صعوبتها التطوّر الهائل في وسائل الاتصال والتواصل الجماهيري.

ولأن المقاومة تخوض اليوم حربًا وجودية مفروضة، على المستويات العقائدية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، فلا بدّ للإعلام المقاوم أن يلعب دورًا أساسيًا ورياديًا فيها، إنطلاقًا من رؤية جديدة محدّثة للواقع الإعلامي ومتطلباته وتحدياته.

كثير من المتخصّصين والمعنيين بالشأن الإعلامي، تحدّثوا بإسهاب عن المشاكل التي يواجهها الإعلام المقاوم، وأكثَروا من ممارسة “النق” ربطًا بالواقع الذي يرونه “غير جدير” بالمقاومة ومشروعها. إلا أنه في الواقع، فإن “النق” هو أحد أبرز مشكلات هذا الإعلام، مضافًا إلى مشكلات كثيرة متعدّدة، سنحاول في هذا الإصدار من “الناشر” الإضاءة عليها، وسنحاول أيضًا تقديم الأفكار والرؤى كحلول لتلك المشكلات.

“دمٌ جديد”، لعله يكون المكوّن المفتاحي الناقص في المشهدية الإعلامية المقاوِمة، على أن تُتاح له فرص الوصول إلى صلب الإدارة والقرار في وسائل الإعلام والجهات المُقرّرة، لما للجيل الجديد من ميزات ومهارات يفتقر لها عدد كبير ممّن يتولون إدارة المشهد وتفاصيله، إذ لن تستقيم العملية الإعلامية في المؤسسات والإدارات حين يكون الرئيس أقلّ من المرؤوس في امتلاك مهارات ومَلَكَة التعامل مع أدوات ومنصّات كرّسها التطوّر التكنولوجي بديهيات في العمل الإعلامي، كالقلم والمشبك والمسطرة والمكبس، التي لا يخلو منها أي مكتب. هذه الهوّة تسبّب، من ضمن ما تسبّبه، عرقلة جسيمة في عملية التفكير السليم في القرار، وقصورًا في تطبيقه، فضلًا عن تحويل العاملين في العمليات الإعلامية المتعدّدة إلى طبقة من “الموظفين” أشبه ما يكونون بموظفي الإدارات الرسمية في الدولة.

“مطبخ إعلامي”، قد يكون هو الآخر من النواقص التي إنْ أوجدناها، أو عدّلنا بعضًا من مهام الكيانات والهيئات الموجودة لتتواءم مع متطلبات أن تتحوّل إلى “مطبخ إعلامي”، ينسّق العمليات والخطاب والهجوم والدفاع، يمكن أن نكون قد تقدّمنا خطوة ملموسة نحو تحرير الخطاب والأداء من “اعتبارات” قد لا تكون في جميع الأحوال إلا مكبّلة ومعرقلة.

بعيدًا عن سياسة جَلد الذات، نرى أنه من الواجب التحرّك نحو ورشة عمل شاملة نستخلص منها خطّة عمل جديدة للنهوض بالواقع الإعلامي بشقَّيه، التقليدي والحديث، مستفيدين من توافر إمكانيات وموارد مادية ليست بالقليلة، وبشرية ذات قيمة عملية وعلمية عالية إنْ أحسَنَّا توظيفها.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد