مجزرة حولا كما ترويها مصادر العدو (2/1)

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

بدأت منذ فترة محاولة تجميع ما هو منشور حول مجزرة قرية حولا اللبنانية على مواقع صهيونية، وطبعًا بجهد فردي محض، وبحسب قدراتي الخاصة التي ترهقها المشاغل الحياتية كما هو واقعنا كلنا.

العمل يهدف الى جلاء الحقائق وتبيان مدى صدقية معلومات شائعة ومتداولة علنا نحظى بـ”قاعدة بيانات” موضوعية وموثقة تكون مناسبة للانطلاق نحو تأريخ هذا الحدث المهم وغربلة كل ما يحوم حوله.

اليوم سأنشر بداية معلومات مقتضبة عن “الضابطين” اللذين خضعا للمحاكمة بتهمة تنفيذ المجرزة. اثناء احتلال البلدة في العام 1948 مع عدد من القرى اللبنانية الاخرى ضمن “عملية حيرام” حسب التسمية الصهيونية التي استهدفت السيطرة على الجليل الاعلى ومناطق الحدود اللبنانية التي سرعان ما تجاوزتها واحتلت قرى عدة حتى توقيع اتفاقية الهدنة في العام 1949 في مقابل القوات العربية بقيادة “فوزي القاوقجي”.

الاول هو مجرم الحرب “شموئيل لاهيس”: المولود في العام 1926 في مدينة “شورتكيف” البولندية، والتي عادت وصارت جزءاً من اوكرانيا ولا زالت. هاجر مع والديه في العام 1933 الى فلسطين المحتلة واستقروا في حيفا.

انتسب لاحقاً الى عصابات الهاغاناه الارهابية وشارك في تأسيس نواة جيش العدوان الصهيوني وخضع لدورات عدة وشارك بعمليات عسكرية لا سيما في منطقة حيفا بهدف “تنظيف مناطق العرب” حسب قوله!

مجرم الحرب الإرهابي شموئيل لاهيس

التحق بلواء الكرمل للمشاركة في “عملية حيرام” وكان عمره 22 سنة، وكان من الذين دخلوا قرية حولا واعتقل عددًا من أهلها. ويقول: “دخلنا تلك القرية السيئة وذات السمعة السيئة”! ويتابع: “ولكن دخلناها دون معركة، وكان أغلب اهلها قد فروا الا القليل فعملنا على اعتقالهم ووضعناهم في منزل كسجن مؤقت”، ودار الخلاف حول مصيرهم.

وتزعم المصادر الصهيونية أن الضابط الثاني “دوف يرميا” ذهب الى مقر القيادة ليسأل عن الحل وعاد في اليوم التالي ومعه “أمر بطرد المدنيين”، لكنه وجد “وجوه جنوده مكفهرة والمنزل مدمراً ولا أثر لرجال القرية”.

لقد تم قتلهم بالرشاشات ونسفوا المنزل فوق رؤوسهم ليكون بمثابة “مقبرة جماعية”. وتحجّج “لاهيس” بأنه لم يتحمل رؤيته عربًا احياء “فقتلهم انتقاماً لمقتل اصدقائه في حوادت مصفاة حيفا قبل مدة”.

تمت محاكمته بطريقة “صورية هزلية” لينال بداية حكمًا بالسجن لمدة سبع سنوات تم تخفيضها لاحقاً الى سنة، ثم نال عفو رئيس الكيان الغاصب “حاييم وايزمان” ليعود وينال عفوًا رجعيًا، مؤكَّدًا ونهائيًا من الرئيس الصهيوني “اسحاق بن تسفي” في العام 1955 لتُفتح أمامه أبواب جديدة، فعمل محاميًا ثم أمين سر للوكالة اليهودية وممثلًا لمديرها في الولايات المتحدة ليعود ويصبح مديرًا لها في العام 1978. ولكن بعد إعداده تقريرًا مفصلًا عن أعداد اليهود الامريكيين تعرض لكثير من الضغوط والانتقادات ليعلن استقالته في العام 1981. وفي العام 1989، نال جائزة الكنيست لدوره في الوكالة اليهودية وعمله على زيادة هجرة اليهود.

توفي مجرم الحرب “شموئيل لاهيس” منذ حوالي العامين وبالتحديد في 5 آذار/مارس من العام الماضي عن عمر ناهز الرابعة والتسعين عامًا، وتم دفنه في حيفا، وله ابنتان.
…ولا من يسأل في لبنان!

الثاني هو مجرم الحرب “دوف يريما”: المولود سنة 1914 في مستوطنة “بيت غان” غربي طبريا لوالدين هاجرا من الامبرطورية الروسية إبان السيطرة العثمانية على بلادنا. كان صديقًا لموشيه دايان منذ حداثة سنَّيهما.

انضم الى الهاغاناه في العام 1929 وشارك في مواجهة ثورة 1936 ، ثم شارك في معارك 1948 لا سيما في “عملية حيرام” في الجليل الاعلى وعند الحدود اللبنانية بالإضافة إلى دوره في مجزرة حولا، كما أسلفنا قبل قليل.

وتزعم الوثائق الصهيونية أن “يرميا” هو من تقدم بالشكوى ضد “لاهيس” أمام القضاء العسكري حتى ادانته. وتتابع تلك المصادر ان “يرميا” حاول الوقوف مرات عدة في وجه “لاهيس” ومنع تقدمه في مسيرة حياته، لكن دون جدوى.

بقي “يرميا” في الجيش رغم ظهور “ميوله اليسارية” بحسب التعبير الصهيوني الذي ينقل عن زوجته الثانية أنها اكتشفت ان ستالين “هو رب دوف يرميا الحقيقي”.

بعد الحرب تحول “يرميا” الى ناشط يساري مدافع عن حقوق العرب ضمن حزب “مبام” اليساري، ورفض تعيينه حاكمًا عسكريًا لمنطقة “الناصرة”.

ورغم ذلك بقي في جيش العدو، حتى ما بعد حرب الـ67 حين تحول الى ضابط احتياط ثم ساهم في تأسيس قوات مدنية للحراسة في المستوطنات الشمالية بعد تصاعد العمليات الفدائية للمقاومة الفلسطينية.

بعد اجتياح لبنان نشر “يرميا” يوميات في صحيفة “عالهميشمار” انتقد فيها بشدة سلوك جيش العدو تجاه السكان المدنيين الفلسطينيين في لبنان، فتم إقصاؤه لاحقًا من الخدمة الاحتياطية. عندها قدم استقالته من كل المهام وتفرغ للدفاع عن حقوق الفلسطينيين ضد ممارسات الجيش الصهيوني ودافع عن حقوق اللاجئين ضمن الكيان وفي لبنان قبل الانسحاب الصهيوني، حيث أسس لجنة في “الجليل الغربي لمساعدة اللاجئين في صور وصيدا”، حسب المصادر الصهيونية، وغدا ناشطًا في حركة “السلام الآن” وفي “لجنة مناهضة العنصرية”، ثم نال جائزة إميل غرونزفيغ لحقوق الإنسان، والتي تمنح سنويًا من قبَل الجمعية التي تسمّي نفسها “جمعية الحقوق المدنية” لـ”مساهمته الخاصة في النهوض بحقوق الإنسان” في “الكيان الصهيوني” بحسب بيان تلك الجمعية. وفي عام 1986 كان عضوًا في الوفد اليساري للحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية في رومانيا.

توفي “دون يرميا” في العام 30 كانون الثاني/يناير من العام 2016 عن عمر ناهز 102 سنة، في مستوطنة “إيلون” قرب الحدود اللبنانية الواقعة مقابل بلدة يارين والى الشرق من مستوطنة “نهاريا”.

نصب تذكاري لشهداء المجزرة وتظهر خلفه مدافنهم
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد