ندين النجار – خاص الناشر |
لم يكن صباح السابع من أكتوبر / تشرين الأول اعتياديًّا، بل كان صباحًا أثبتت فيه المقاومة الفلسطينية أنها الوحيدة القادرة على وضع المعادلات في الصراع مع العدو الإسرائيلي، متخذة من الحق قوة ودافع لكل خطوة نُفذت وسيتم تنفيذها في الأيام المُقبلة.
أسبوعٌ مر على بدء عملية طوفان الأقصى، حيث شاهد العالم بأسره حجم الإنجاز الذي حققته المقاومة للمرة الأولى في التاريخ، ليس فقط من ناحية حجم التنظيم والقدرة العسكرية، بل أيضًا من خلال إلحاق الهزيمة بالدولة المزعومة “إسرائيل”، الاستثمار الأكبر للولايات الأميركية المتحدة والدول الأوروبية في الشرق الأوسط.
أهمية “إسرائيل” بالنسبة لدول الاستعمار
ألحقت المقاومة الهزيمة بالولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والدول الأوروبية قبل العدو الإسرائيلي نفسه، فبريطانيا التي عملت جاهدة منذ مئات السنين على مشروع الاستيطان واحتلال فلسطين، ها هي اليوم ترى مشروعها يعاني ضعفًا وهشاشة وارتباكًا على الصعيد العسكري والسياسي والاستخباراتي.
بدأ العمل على مشروع الاستيطان منذ العام 1840 عبر تأسيس جمعيات لدعم اليهود في بريطانيا، واستكملت جهودها وقامت بتطويرها وصولًا إلى العام 1905 عندما عُقد مؤتمر كامبل بنرمان في لندن لدراسة موضوع الاستعمار، ضم ممثلين عن الدول التالية: بريطانيا، فرنسا، إيطاليا وألمانيا، وهذه الدول نفسها اليوم أعلنت دعمها الكامل للعدو الإسرائيلي في حربه ضد المقاومة وقصفه لغزة إضافةً إلى ممثلين عن بلجيكا والبرتغال وهولندا.
كان هدف المؤتمر إطالة عمر الاستعمار قدر الإمكان، وبعد التباحث بين ممثلي الدول بحضور متخصصين في مجال السياسة والاقتصاد والجغرافيا والثقافة والبترول توصل أعضاء المؤتمر إلى اعتبار أن الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية هو في الدول العربية التي تملك وحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال.
ولتحقيق هذا الهدف، قرر المؤتمر إصدار توصيات أبرزها:
- إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة مع حرمانها من اكتساب العلوم والمعارف التقنية ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية ومحاربة أي توجه وحدوي فيها.
- إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادٍ، يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن الجزء الآسيوي ويحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب. وكانت “إسرائيل” هي الدولة العازلة، عدّوة شعوب المنطقة وصديقة الدول الأوروبية.
هذه الوثيقة سبقت وعد بلفور بعدة سنوات ومهدت له ولعلها أخطر منه بكثير لأنها كشفت بوضوح حجم المؤامرة الدولية على فلسطين والعرب، وهذا ما يفسر التقسيم الذي حصل في دول الشرق الأوسط إزاء الحرب العالمية الأولى حتى جاءت الولايات المتحدة الأميركية لكي ترث الدول الاستعمارية وتحل محلها.
منذ ذلك الوقت، تحشد أميركا كل قدراتها السياسية والعسكرية والمادية لدعم مشروع العدو الاستيطاني حيث يظهر تعاطف كل رؤساء الولايات المتحدة الأميركية مع اليهود واهتمامهم البالغ بالصهاينة حتى وصل الأمر إلى حد إدارة الحرب والإبادة بحق الفلسطينيين في غزة.
أساس الحركة الصهيونية: المستوطنات
يولي الإسرائيليين أهمية كبيرة للمستوطنات، فهم يعتقدون أنه لا صهيونية من دون استيطان ولا دولة يهودية من دون إخلاء أراضي العرب وتسييجها. من هنا بدأ العمل منذ مئات السنين على بناء الكيبوتس (مستوطنة يتم فيها التدرب على الزراعة وعلى حمل السلاح وتعلم القيم العسكرية) الذي يُعد من أهم المؤسسات التي استندت إليها الحركة الصهيونية قبل قيام الكيان المزعوم، وتخرج منها العديد من المسؤولين الإسرائيليين منهم: دافيد بن غوريون، وموشي دايان وشمعون بيريس.
جوهر سياسة الحكومة في الكيان الإسرائيلي قائم على تدنيس المقدسات وقتل وتشريد الشعب الفلسطيني وقطع أشجار الزيتون وإدارة حرب إعلامية واسعة النطاق على المقاومة تُخفي مظلومية الشعب الفلسطيني وحقه في استعادة أراضيه.
طوفان الأقصى نصرٌ لجيلنا وللأجيال من بعدنا
استفادت المقاومة من الأزمة السياسية والاجتماعية التي يُعاني منها الداخل الإسرائيلي إضافةً إلى انشغال أميركا في صراعات عدة لتحسين موقعها في الصراع بهدف التخلص من معاناة استمرت لسنين شملت الحصار والتجويع وتدنيس المقامات في ظل جو سياسي إقليمي يحاول طمس حقوق الفلسطينيين ووضع حد لقضيتهم عبر التطبيع ومعاهدات السلام وهذا ما رفضه وسيرفضه دومًا الفلسطيني وكل مقاوم عبر عنه في معركة طوفان الأقصى التي غيرت المشهد وقلبت كل المعادلات.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.