الموقوفون اللبنانيون رهن التآمر الخليجي وجبن الدولة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

على وقع شعارات الحرية وحقوق الإنسان والسلام، وحماية المغتربين وأبناء الجاليات، تقيم بعض الدول الخليجية المعظّمة قوانينها ومبادئها الإنسانية والأخلاقية، تتغنى بها أمام العالم وتعيد تكريسها وترديدها عند كل مناسبة وحدث عالمي.

هذه الشعارات التي أثبت التاريخ أنها بمعظمها بقيت شعارات، يعيد التاريخ نفسه اليوم ويؤكد المؤكد منذ سنين، إذ إنّ العديد من هذه الدول استثنى من شعاراته تلك أبناء الدول العربية الشقيقة، وتعاطى معها بعدوانية تنافي حقوق الإنسان المتغرّب، فكيف إذا كان المتغرب شقيقًا عربيًا؟

في هذا الإطار تأتي قضية المواطنين اللبنانيين الموقوفين في الإمارات العربية المتحدة والسعودية، لا سيما بعد ما شهدته هذه القضية من مستجدات خطيرة، كشفت وبشكل علني وواضح حقيقة هذه الأنظمة التعسفية المنافية لكل ما يشاع عنها من احترام لحقوق الإنسان وحرياته.

موقوفون منذ سنوات والتهم تعسفية
لم تكن قضية اللبنانيين الموقوفين في الإمارات والسعودية قضية جديدة على الساحة اللبنانية، إذ ثمة تاريخ حافل لها بدأ منذ ما يقارب العشر سنوات ولكنه وصل اليوم إلى حد “الإجرام” الذي لا هروب أو مفر لهذه السلطات العربية منه. وفي هذا الإطار، كان لنا مقابلة مع رئيس جمعية “وتعاونوا” “أبو الفضل شومان” وهو أبرز الشخصيات التي تتابع هذه القضية، وتسعى بكل زخم للوقوف إلى جانب أهالي الموقوفين لإيجاد حل لها بكل الوسائل المتاحة.

قال شومان إن “قضية توقيف اللبنانيين بدأت عام 2014، حين أقدمت دولة الإمارات على حجز 7 لبنانيين وزجهم في السجون، وإطلاق تهم سياسية بحقهم وإجبارهم على الاعتراف بها تحت التعذيب والضغط، لتقوم أخيرًا بمحاكمتهم بأحكام لا تقل عن 10 سنوات، وقد وصل بعضها إلى الحكم المؤبّد، وهم لا زالوا معتقلين لحد اليوم في السجون الإماراتية”.

وأفادنا أيضًا أن الزمن يعيد الزمن نفسه، مع 10 موقوفين لبنانيين جدد، اعتقلتهم السلطات الإمارتية لنفس التهم السياسية السابقة والمتعلقة “بدعم وتمويل حزب الله، والتخطيط للقيام بأعمال إرهابية فضلًا عن التخابر لصالح إيران” مع العلم أن الإيرانيين موجودون بشكل كبير جدًا في الإمارات!


ووفقًا لشومان فإن “هؤلاء المعتقلين العشرة توفي من بينهم الشاب “غازي عز الدين” نتيجة التعذيب الذي تعرض له، ولا زال جثمانه محتجزًا هناك لغاية اليوم، لتقوم بعدها السلطات الإماراتية بإطلاق سراح الموقوفين التسعة الآخرين لكنهم بقوا تحت الإقامة الجبرية لأن جوازات سفرهم لا زالت محتجزة عند السلطات وهم ممنوعون من لقاء أحد والعودة إلى لبنان”.

وفيما يتعلق بالمعتقلين اللبنانيين في السعودية، أضاف شومان أن في السعودية 8 معتقلين محكومين بتهم لا صحة لها، وأحكامهم تتراوح ما بين 10 و30 سنة، بالإضافة إلى الشاب “حيدر سليم” الذي اعتقل مؤخرًا وحكم بالسجن لخمس سنوات ظلمًا. وأشار إلى أن المفاوضات والتواصل مع السلطات السعودية قد بدا أكثر إيجابية في الفترة الأخيرة مقارنة مع السلطات الإماراتية، إلا أن الشهر المنصرم لم يشهد أي تطورات على المستوى الرسمي لدى الطرفين.

الدولة عاجزة ومتقاعسة والخطوات القادمة مفصلية
لم تكن الأحداث التي تسببت بها الدولتان الخليجيتان مستغربة تمامًا، مقارنة مع موقف الدولة اللبنانية الرسمي من كل ما حصل، هذا الموقف الذي اتسم “بالجُبن” والغش بكل تفاصيله. وفي هذا الشأن أشار شومان إلى “أن السلطات الرسمية اللبنانية كانت متقاعسة تمامًا عن القيام بواجباتها لحماية أبنائها المغتربين، وقد تلقى أهالي الموقوفين الكثير من الوعود الكاذبة من قبل السلطات، رغم كل تحركاتهم ولقاءاتهم مع كبار المسؤولين وصولًا لرئيس الحكومة، إلا أن هذه اللقاءات كانت تتم تحت الضغط والإصرار”. وأضاف أيضًا “أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كان قد وعد الأهالي بإرسال وفد أمني إلى دولة الإمارات لمتابعة هذه القضية وحل الملف، إلا أن الوفد لم يرسل، ولم تحدث أي تطورات على المستوى الرسمي بهذا الشأن”.

الجدير بالذكر -وفقًا لشومان- أنه “بعد الإفراج عن الموقوفين التسعة بيومين، تواصل السفير اللبناني في الإمارات فؤاد دندن مع أحد أهالي الموقوفين، ليعلم من خلالهم أنه تم الإفراج عن أبنائهم، وأنهم لا زالوا تحت الإقامة الجبرية، مما يعني أن السفير لم يكن متابعًا للقضية، ولم يبد أي تحرّك جدي بهذا الشأن”.

هذا الاتصال حصل قبل صدور بيان وزارة الخارجية اللبنانية “المخزي”، والذي مجدت فيه الوزارة مبادرة الإمارات بالإفراج عن الموقوفين الثمانية ظلمًا، لكنها لم تتجرأ ربما على تبيان التفاصيل الحقيقية لهذا الخبر، ألا وهي أن المفرج عنهم واقعون فعليًا تحت الإقامة الجبرية، فضًلا عن أن جثمان غازي عز الدين قد دفن في الإمارات ولم يتم إرساله لذويه في لبنان. وعلى صعيد الخطوات اللاحقة، أكد شومان أنهم وأهالي الموقوفين، ماضون بتنفيذ كل الخطوات التي من شأنها تسوية هذا الملف، إن كان عبر التحركات الشعبية أو الحملات الواسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي كان لها الأثر الكبير في تحريك القضية، لا سيما وأن الدولتين المعنيّتين تحرصان أشد الحرص على الحفاظ على “سمعتهما الدولية” بأنهما دولتان حضاريتان تصونان حرية الإنسان وحقوقه، وهذا ما أثبت الواقع عكسه تمامًا.

بالإضافة إلى ذلك أكد شومان أنه سيكون هناك زيارات مكثفة للعديد من الشخصيات السياسية والدينية الفاعلة والمؤثرة بهذا الشأن، فضلًا عن العمل على إعادة تفعيل المبادرة العراقية التي كانت برئاسة اللواء عباس إبراهيم، بالإضافة إلى عدة إجراءات تصعيدية قد تنفذ بحال عدم تحمل الدولة لمسؤوليتها، مشدّدًا على أن المطلوب في هذه المرحلة هو المزيد من الجدية والمساعي والجهود الحثيثة والتكاتف للوقوف إلى جانب الأهالي ودعمهم في حل قضيتهم التي أصبحت تخص كل مواطن شريف وحر في هذا الوطن.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد