لو انتظرتَ إجماعًا لما انتصرت..

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في لبنان، الإجماع حول أيّ مناسبة أو خيار لا يعدو كونه طبقة “ماكياج” واهية قد يضعها البعض رياءً أو التحاقًا بلحظة تاريخية ما ثمّ يزيلها بالقليل من ماء المواقف المعبّرة عن ارتباطاته الوظيفية. وكلّ حديث عن إجماع وطني حول أي شأن من الشؤون هو مجرّد كلام منمّق ليس له انعكاسات على أرض الواقع. وإن كان اللا إجماع العلنيّ قد بلغ حتى الموقف من “إسرائيل”، فليس مفاجئًا أن يكون “عيد المقاومة والتحرير” مناسبة يبثّ فيها البعض سمومهم وأكاذيبهم وافتراءاتهم وحتى التزامهم بالخيار الصهيوني رغم هبوط أسهمه عالميًّا وتراكم الفشل في مشاريعه ولا سيّما في لبنان.

اختلفت الدوافع والنتيجة واحدة: استهداف المقاومة وأهلها في عيد التحرير، وبشكل خاص على منصات التواصل الإفتراضي، الميدان الإعلامي المتقدّم في معركة المفاهيم وفي الصراع مع العدو.

يُعتبر الكذب اعتداء على الذاكرة الجماعية، وانتهاكًا لعقل الجمهور ولا سيّما حين يتعلَّق بحدث تاريخي موثّق ومشهود وما زال معظم شهوده أحياء يُرزقون وينعمون بنتائجه؛ رغم ذلك لم يخجل بيتر جرمانوس على سبيل المثال من الحديث عن مساعٍ في وقتها لمنع “التطهير الديني”. نعم، هذه المقاومة التي منعت أن يتعرّض أحد للعملاء من كلّ الطوائف وسلّمت من شاء منهم أن يسلّم نفسه للدولة، ولم تستهدف من اصطف منهم عند بوابة الهروب إلى فلسطين المحتلة، تجد نفسها اليوم أمام تلميح رخيص يبتغي زجّها في مشهد تافه كأصحابه.

تغريدة جرمانوس تلاقت مع الكثير من التغريدات والمواقف المعروف ارتباط أصحابها، ولنقل “معلفهم”. وهؤلاء اعتادوا تكذيب الحاضر وتصويره كما يحلو لعيون عمالتهم أن تراه، فليس غريبًا عليهم أن يحاولوا تكذيب التاريخ. يجهلون أن الشّمس لا تُحجب بغربال وللأسف يجدون جمهورًا ضحلًا مثلهم يستجيب لأكاذيبهم ويردّدها.

من ناحية أخرى، ثمّة من عمد إلى التذاكي في استهداف العيد وأهله، فهنّأهم به وقرّر أن الأمر انتهى في العام ٢٠٠٠ وأن على المقاومة أن تسلّم سلاحها وانتهينا. ومنهم من وضع لها لائحة واجبات وخيارات عليها تنفيذها، وامتلك من الحماقة ما يكفي لتنصيب نفسه حاكمًا يضع الخطط التي على المقاومة أن تعمل على تنفيذها، في سبيل أن تثبت له انتماءها الوطني وارتباطها بالناس.

كلّ هذا لم يثنِ يومًا القافلة عن مسيرها نحو التحرير، ومن التحرير إلى النصر في تموز ٢٠٠٦، ومنه إلى ردّ كيد التكفير والإرهاب إلى نحره في سوريا، ومنه إلى إنجازات تخفيف انعكاسات الحصار والحرب الاقتصادية، فهل تثني بعض “التخبيصات” الإعلامية والمواقف السياسية المشبوهة أهل المقاومة عن الاحتفال بعيدهم؟

عمّت الاحتفاليات والفعاليات المبتهجة قرى الجنوب. اشتعلت منصات التواصل بصور وتسجيلات ساعات التحرير. حضرت أيامه وأنعشت زماننا هذا بماء العزّة والفرح. استعدنا كلّ مشاهد التحرير، وعشناها آمنين فرحين كما عشناها أوّل مرّة.

كلّ عام وأنتم بخير، كلّ عام وهذه المقاومة لا تنتظر إجماعًا كي تسقي كلّ البلاد عزًّا وقوّة وكي تحمي وتصون حتى الذين لا يستحقون.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد