تحقيق | شهر رمضان.. ميدان الرحمة والتكافل الاجتماعي

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

حلّ شهر رمضان المبارك على الأمة هذا العام بظروف استثنائية، شهر الرحمة الذي دعي فيه الناس للعبادة والطاعة والتقرّب من الله سبحانه وتعالى، فالعبادة التي لم تقتصر فقط على فرض الصيام، بل تشعّبت لتشمل خدمة الناس وتقديم كافة أشكال التكافل لهم، كسبيلٍ للتقرّب من الله سبحانه عبر خدمة عباده، والفوز برحمته وغفرانه.

وفي هذا الإطار، وككل عام، تتضافر الجهود والطاقات والإمكانيات الفردية والجماعية العاملة ضمن بيئة المقاومة لخدمة أهلها ومساندتهم بكافة الوسائل المتاحة، وذلك ضمن مشروع تكافل إجتماعي متعدد الاتجاهات، وحاضر في كل ظرف ومناسبة، وتترجمه على أرض الواقع الجمعيات والمبادرات والحملات التي أخذت على عاتقها مهمة تقديم العون والإسناد والمساعدة لكل العائلات المتعففة والمحتاجة على كافة أراضي هذا الوطن.

“وتعاونوا” مبادرة قيّمة في ساحات الخير والعطاء

من صلب الأزمة والمعاناة التي ضربت لبنان، نشأت مبادرة “وتعاونوا” في الثالث عشر من شهر آذار عام 2020، في وقت كانت معاناة الناس الحقيقية قد تفاقمت جدًا إقتصاديًا ومعيشيًا، وذلك في سبيل تحقيق التكافل والتعاون الإجتماعي ومساندة الناس المحتاجة لتأمين قوتهم اليومي وتكاليف استشفائهم وأدويتهم، وفق ما ذكر المسؤول عن المبادرة “عفيف شومان” عبر إتصال هاتفي مع موقع الناشر.

وأضاف شومان”لم يقتصر نشاط “وتعاونوا” على فترة زمنية محددة، أو فئة معينة أو منطقة دون غيرها، بل إمتد نشاطها ليشمل العديد من الميادين وفي كافة المناطق اللبنانية، وفي أيام شهر رمضان المبارك، تكاثفت الجهود والإمكانيات، حيث قام القيمون على المبادرة بإجراء مسح ميداني ككل عام، وتسجيل ما يقارب الـ 50 ألف طلب لتأمين الحصص التموينية خلال الشهر الكريم للعائلات المتعففة.”

بالإضافة إلى ما ذكر، فإن الحملة تعنى أيضًا بتأمين حاجات العديد من العائلات من الخضار اللازم لمائدة شهر رمضان، بعدما أصبحت تكلفة تأمينها مرتفعة جدًا في ظل الظروف الراهنة، “وقد شملت هذه الخطوة 3700 عائلة تقريبًا، فضلًا عن قيامها بتأمين الإفطارات ووجبات الطعام الجاهزة لما يقارب الـ 4000 عائلة”، بحسب شومان.

وفي اشارة مهمة إلى الواقع المأساوي الخطير والمرير الذي نشهده حاليًا، أشار شومان أن “المسح الميداني أظهر لهذا العام أنه من أصل كل 10 عائلات شملهم المسح، ثمة 7 منهم بحاجة إلى الدعم والمساندة.”

“مائدة الإمام زين العابدين ع” واحة رمضانية لخدمة الناس

“مائدة الإمام زين العابدين ع” واحة رمضانية لخدمة الناس
لطالما كان العمل الإجتماعي والإنساني جزءً أساسيًا ومحوريًا في بيئة المقاومة، كواحد من الأولويات التي وضعها حزب الله نصب عينيه في كل الظروف والأزمنة، خدمة الناس ومساندتهم وتخفيف أعباء الحياة المعيشية والإقتصادية القاهرة التي تواجههم.

من هنا كانت “مائدة الإمام زين العابدين ع”، كإحدى المشاريع التي تصب في سبيل تحقيق هذا الهدف السامي، وعلى مدى 24 عامًا وخلال الشهر الفضيل، أقيمت هذه المبادرة على مستوى لبنان ككل، ولا زالت ليومنا هذا، حيث كان الهدف منها هو تأمين كافة الإحتياجات الرمضانية للعائلة المتعففة، والتأكد من حصولهم عليها طيلة الشهر الفضيل.

وفي اتصال هاتفي مع مسؤول العمل الإجتماعي في حزب الله في منطقة بيروت وجبل لبنان “الحاج علي شري”، أشار إلى أن مشروع المائدة يقدم العديد من الخدمات، كالمطبخ الرمضاني الذي وصل حاليًا إلى 30 مطبخًا موزعين في مختلف المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى الحصص التموينية (معلبات، حبوب، مواد غذائية…)، والحصص الغذائية (لحوم وخضار) فضلًا عن القسائم الشرائية من المراكز التجارية والمقطوعات المالية المخصّصة للعائلات المتعففة، وكفالة الجار، والمضائف والمطاعم (تم بدء العمل بها منذ سنتين)، وأخيرًا وليس آخرًا مشروع كسوة العيد.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر شرّي أن عدد العائلات الكريمة المتعففة المستفيدة من خدمات مائدة الإمام زين العابدين ، بلغ تقريبًا 50 ألف عائلة ، وهذا العدد إزداد عن السنوات السابقة نتيجة لتفاقم الظروف المعيشية التي يعاني منها الناس منذ سنوات.

وفيما يتعلق بالركائز الأساسية التي يقوم عليها مشروع المائدة، أكد شرّي أنها “تعتمد على ثلاث قواعد متينة، أولها الدعم المطلق من سماحة الأمين العام السيّد حسن نصرالله، ثانيًا الخيّرين المبادرين إلى مساعدة الناس بأشكال مختلفة، وأخيرًا جهاز واسع وضخم من الأخوة والأخوات المتطوعين في سبيل خدمة الناس وتحقيق التكافل الإجتماعي على أوسع نطاق ممكن.”.

” نهج علي”.. ميدان آخر من ميادين التكافل الإجتماعي

” نهج علي” مبادرة أخرى من المبادرات التي نشأت على طريق الخير والتكافل الإنساني، هي مبادرة شبابية، انطلقت عام 2019، في سبيل تأمين الإفطارات الرمضانية للعائلات المتعففة، عبر آلية منظمة تتم عبر متطوعين بلغ عددهم ما يقارب الـ100.

وفي اتصال هاتفي مع أحد القيّمين والمؤسسين للمبادرة “فاطمة حميّد”، شرحت لنا أهداف وآلية العمل الخاصة بهم خلال الشهر الفضيل، بحيث يعمد المتطوعون إلى جمع الوجبات المقدمة (على إختلافها) من بيوت أصحاب الخير وفرزها في المراكز الخاصة بهم (6 مراكز) وإعداد وجبات إفطار رمضانية كاملة ليقوموا بعد ذلك بإعادة توزيعها على العائلات المتعففة.

وتضيف حميّد أيضًا، أنه للسنة الثالثة على التوالي، يتم إفتتاح مطبخ خاص خلال شهر رمضان لتغطية كافة الإحتياجات من الوجبات في حال حصول أي نقص، وفي إحصاء أخير نشر العام المنصرم عبر مواقع “نهج علي” تبيّن أن عدد الوجبات الموزعة بلغ 40860 وجبة شملت 413 عائلة، فضلًا عن 1350 حصة تموينية و700 حصة خضار، بينما بلغ حجم التبرعات المادية 635.680.000 ل.ل.

تجدر الإشارة أيضًا، إلى أن المبادرة لا يقتصر عملها فقط على شهر رمضان المبارك، بل هي مستمرة على مدار السنة وتساهم في تأمين الأدوية والحصص التموينية على اختلافها (غذائية- قوارير غاز…) فضلًا عن مساهمتها في تأمين أجور المنازل وأقساط المدارس للعديد من العائلات المتعففة.

تجتمع هذه المبادرات والجمعيات على إختلافها، لتشكل نموذجًا مشرّفًا للتكافل الإجتماعي والإنساني، ولتقدم صورة حقيقية واقعية تعكس من خلالها المعنى الحقيقي للقيم الإسلامية والأخلاقية، مساندةً ودعمًا ووقوفًا إلى جانب كل المستضعفين المتعففين، تمامًا كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد