الحركة الإعلامية المسعورة التي تتناول العهد ورئيسه العماد ميشال عون تفضح أصحابها بالكثير من الأمور المشينة. لا يتوقّف الأمر على اللا مهنية والتحامل الشخصي الواضح، بل يتعدّاه إلى الاشتراك علانية في الحرب الدولية على العهد.
تداول الناشطون بالأمس نكاتًا تتعلّق بتقرير الجديد الذي تضمّن لقاءات مع مجهولين يحمّلون مسؤولية كلّ مصائب حياتهم للعهد. يُصاب المرء بنوبة فضول تدعوه لفهم ماهية تأثير العهد بشكل مباشر على حالة طلاق وفقدان حضانة مثلًا. ثم يتدارك فضوله، فالكلام الذي قيل، على سطحيّته، لا يسيء إلّا لتقدير عقلانية قائليه ولا ينفع إلا في إطار فهم الحدّ الذي قد يبلغه الإعلام حين يستهدف شخصًا أو حالة دون التفات إلى عقل الجمهور ووجوب احترامه.
هذه الحملة لم تبدأ الآن ولكنّها تزداد حدّة في آخر أيام العهد، وهي دلالة على إفلاس أصحابها من جهة، وعلى استماتتهم في سبيل نيل الثناء من “طويل العمر”، ففرصة تفعيل هذا الثناء واستثارته قد لا تتكرّر في القريب العاجل، فما إن ينتهي العهد الرئاسي، سيخسر هؤلاء موضوعًا يخبرون البخاري وغيره عبره أنّهم معه، ضد عون.
بالمناسبة، ما الذي يعنيه أن تكون “ضد عون” في هذه المرحلة بالذات؟
بالإضافة إلى محاباة أعدائه، على امتداد الدول الفاعلة في الشأن اللبناني، تشير العدائية ضد عون الآن إلى تورّط أصحابها في المشاريع الدولية التي تضافرت لتشكيل الحصار على لبنان وإفقاره بل وتعرية اقتصاده الهش من آخر أوراقه.
ولا مبالغة إذا قلتا إن صمود عون في وجه الحملات الدولية والمحلية التي استهدفته بشخصه وبما يمثّل، هو بحدّ ذاته فعل مقاومة سياسية وفعل تصدّ شديد لكلّ محاولات كسر ما أنجزته المقاومة على الأرض. وهنا، النقاش ليس في نقاط الالتقاء والاختلاف مع عون، إنّما في نقاط القوَّة التي تمتّع بها هذا العهد ما جعله عصيًّا على السقوط والرضوخ لما يريده الغرب وأدواته وصبيانه. وبهذا المعيار، يُعتبر عهد الرئيس ميشال عون عهدًا مقاوِمًا بكلّ ما للكلمة من معنى.
ولذلك، ومن باب الموضوعية والمهنية والمصداقية، ينبغي أن تُواجه الحملة الإعلامية ضدّ عون بحملة مضادّة تضيء على إنجازات العهد وعلى كمّ التحديّات التي واجهها وخرج منها واقفًا ونوع المؤامرات التي حيكت ضدّه في أروقة الرياض وغيرها ومصادر النار التي استهدفته عند كلّ مفترق. عن سطحية وتفاهة القائلين إن العهد يتحمّل مسؤولية الفقر المتراكم منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وعن الارتباطات المشبوهة التي تصل بين مستهدفيه المباشرين ومشغليهم. ينبغي أن تواجه “ضدّ عون” بـ”شكرًا عون” اعلامية مكثّفة، على سبيل الإنصاف من جهة، ومن جهة على سبيل الوفاء.
التعليقات مغلقة.