يبدو سمير جعجع، حينما يحاضر بالسيادة، بالصلعاء التي تتباهى بشعر ابنة خالتها. لا يكف خرّيج السجون عن إضحاكنا محاولًا الظهور بمظهر رجُل الدولة الإصلاحي المنقذ الآتي على صهوة حصان أبيض، إلا أنه بالفعل بدا بالأمس كمهرج يريد إقناع الجمهور بأنه ساحر يخفي الأشياء كما أخفى الآف الجثث وآلاف براميل النفايات السامة.
تحدث جعجع بطلاقة ووقاحة عن أن السعودية لن ترضى رئيسًا للبنان من “التانيين”، وأنها أبلغت الأميركيين والفرنسيين بأنها ستواصل حصار لبنان وتكبيل ساسته من مرتزقتها وغيرهم، حتى يستسلم ويرفع الرايات البيضاء، كالتي كان يرفعها المارّون على حاجز البربارة لتجنّب مجازر أزلام جعجع، من قتل وتقطيع وتعذيب واغتصاب.
مسكين جعجع إذ يعتقد أن زمنه قد حان، وأن أوان وصوله إلى بعبدا على ظهر السفير السعودي قد يتحقق. يقيس جعجع الأمور كما قاسها بشير الجميّل يوم أتى على ظهر دبابة إسرائيلية. لا ضير من قياس من هذا النوع، إذ العبرة في الخواتيم دائمًا. هذا لا يعني بالضرورة أن لكل بشير حبيبًا، فجعجع ليس بشيرًا، والسعودية ليست “إسرائيل”، ولبنان اليوم ليس لبنان 1982. سيحرق جعجع نفسَه بنفسِه، أو ستحرقه السعودية كورقة لعب انتهت مفاعيلها. في لبنان اليوم معادلات من المستحيل أن تسمح لعميل اسرائيلي بالوصول إلى بعبدا، حتى لو غيّر مشغّله وصار يعمل بنظام الكفالة السعودي.
كما رهاناته الكثيرة منذ ما قبل دخوله السجن مدانًا بجرائم وحشية، وحتى خروجه منه بعفو بطعم سياسي إقليمي دولي، إلى اليوم، اثبت جعجع أنه ملك الرهانات الخاسرة، وأن الرهان عليه كمن يراهن على حصان أعرج. لكن الرياض، وهي التي كانت غريقة في لبنان وتمسّكت بقشّة اسمها القوات، ستدرك بعد فوات الأوان، أن جعجع كسعد الحريري، بفارق وحيد هو احترافية فريق الـmtv في الكذب والتضليل والتسويق مقارنة بسخافة تلفزيون المستقبل رحمه الله. سيعرف البخاري، عاجلًا أم آجلًا، أنه إذا كان الحريري “ظالم” فجعجع “جربوعة”، وأنه بحسب حكمة مراهنجي عتيق على مدرج سباق الخيل في بيروت: “أحصنة تركض وحمير تراهن”.
التعليقات مغلقة.