يتخبّط الإعلام المعادي فيعكس الارتباك الصهيوني ومخاوفه حيال تهديدات المقاومة. ومن تابع ما يُسمّى بالإعلام العبري خلال الأسبوع الماضي، يمكن أن يلحظ التناقضات الخبرية التي وقع بها؛ فهو تارّة يبثّ تهديدًا بتدمير البيوت فوق رؤوس قاطنيها في الحرب المقبلة، وطورًا ينقل إشفاقًا “اسرائيليًا” على لبنان واللبنانيين بسبب الحرب نفسها. ساعة يطمئن المستوطنين عبر الحديث عن جهوزية جيشه وترتيباته الخارقة عند الحدود، وساعة يستعيد عويل جنوده في وادي الحجير وفي بنت جبيل. يقوم بعرض عضلات من جهة ومن جهة ثانية يتباكى ويتمسكن.
ولعلها المرّة الأولى التي يمكن أن يُشاهد فيها ارتباك العدو الصهيوني ككلّ عبر إعلامه، فقد سبق أن شوهد هذا الارتباك بالمفرّق، سواء في صفوف القيادات السياسية أو العسكرية أو ما يُسمّى بالمجتمعية، أما الآن فما نراه في إعلامهم يعكس الرجفة التي تصيب هذا الكيان بكل مستوياته، وهذا بعض من سمات “زمن الهزائم قد ولّى”.
تهديد السيد نصر الله للصهاينة في ما يتعلق بالحدود البحرية والحقول النفطية واجراءات التنقيب والاستخراج كان واضحًا ومباشرًا. دعنا من جعجعات وكلائهم في الداخل اللبناني، لقد تلقى الصهاينة الرسالة وفهموا فحواها وأجادوا تقدير جديتها، وهذا ما أوقعهم في مأزق حقيقي لم يختبروا مثله قبلًا إلا في تموز ٢٠٠٦. في الواقع، يخشى الصهيوني الحرب: الجملة بحدّ ذاتها تنضح بالكرامة وبالعزّة ولا يملك المرء سوى الإشفاق على فاقدي هذه المشاعر من مريدي رضا البخاري من مختلف الرّتب. أجل، يخشى الصهيوني الحرب التي بحسب تقاريره تضع كلّ كيانه على خطّ الزوال السريع (بإمكانكم مراجعة هذه التقارير التي تتحدّث عن قدرات المقاومة في لبنان على محرّك البحث غوغل)، وفي الوقت نفسه هو يخشى الخضوع العلني لشروط المقاومة لأن ذلك سيضعه على خطّ الزوال الأقل سرعة والأشدّ إيلامًا ربّما. ببساطة، وجد الصهيوني نفسه بين مرّين، وما هروبه إلى المراوغة بالأمس عبر الإعلان عن أعطال فنيّة وتقنية ضربت منصّة كاريش وأدّت إلى تأجيل البدء بعملها المقرّر في أيلول إلى بداية شهر تشرين الأول سوى محاولة مكشوفة ومضحكة لكسب الوقت.
“الإسرائيلي” خائف ومربك. ولا شكّ بأنّه لم يزل قادرًا على إيلامنا بالحرب وبالقتل وبالتدمير وبالتهجير، إلّا أنّه يدرك الآن أنّه سيتألّم بالمقابل، وبشكل لا يستطيع احتماله، في الوقت الذي أظهرت فيه بيئة المقاومة جهوزيتها النفسية للحرب، أقلّه بالتمسّك أكثر بسلاح المقاومة وبالثبات على مبدأ “أبالموت تُهدّدني. . . “.
ما ورد عن الإعلام العبري مساء أمس حول تأجيل عمل أيلول إلى غد تشرين، وبغض النظر عن كونه لم يزل ملزمًا بالردّ على شروط المقاومة ليُبنى على الشيء مقتضاه، إلّا أنّه محطة تاريخية تُضاف إلى سجلّ الانتصارات التي حقّقتها المقاومة، فالرّدع المحقّق على هذا المستوى هو معركة حُسمَت قبل الطلقة الأولى.
التعليقات مغلقة.