تستجد الأحداث في هذا البلد بسرعة جنونية، بعضها يفرض نفسه كقضية أساسية مصيرية، وبعضها الآخر يمرّ بصورة سطحية عابرة، وما بين هذا وذاك، لوحظ أن الكثيرين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يرون أنه لا بد لهم من تبني مواقف يطرحونها على الناس وكأنهم ملزمون بأن ينشروا آراءهم حول كل موقف أو موضوع يشغل بال اللبنانيين حتى لو كان ما ينشرونه يثير البلبلة أو يدفع إلى الخوف والاضطراب.
مؤخرًا، وبعد أن تصدرت أحداث الحرب والمواجهة مع العدو الإعلام المحلي والإقليمي، كثرت على حين غفلة وبشكل مرعب، الآراء والتحليلات والتوقعات التي تدفقت من كل ناحية وصوب، ممّن يرون أنفسهم -هم فقط- محلّلين أو مثقفين أو مطّلعين بشكل أو بآخر على مجريات الأمور والأحداث. بل أن البعض لجأ إلى افتراض توقعات من باب “التبصير” والتنبؤ، وكأن الناس ينقصها ما يشغل بالها ويدفعها إلى الاضطراب، وكأن الهموم الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية لا تكفيهم.
إن هذه المرحلة دقيقة للغاية، مرحلة يتطلب التعامل معها وعيًا مضاعفًا ودقة مضاعفة وانتباهًا غير متناهٍ، وإن كنا نخوض فعلًا حربًا إعلامية وثقافية ونفسية، فإن لهذه الحرب، مثلها مثل أي شكل من أشكال الحروب الأخرى، جنودها وأساليبها وتوقيتها وتكتيكاتها، لأنها لا تقل خطورة عن شبيهاتها، وإن كان للحرب العسكرية مثلًا رجالها وجنودها وقادتها، فحبّذا لو درّبنا أنفسنا ووعينا لنكون أهلًا لهذه الحرب الثقافية والإعلامية، لنتمكن في نهاية المطاف من تحقيق الإنجاز والنصر المطلوب، وأن نكون نعمَ السند والدعم للمقاومة، لنثبت في نهاية الأمر للعدو وعملائه في الداخل والخارج، أننا حاضرون في كل ميدان وجاهزون لكل معركة.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.