لا تزال حفلة الجنون التي تقودها الكنيسة في لبنان، وعلى رأسها البطريرك بشارة الراعي، مستمرة ومتصاعدة، بشكل يوحي بأن وراء هذا الاستغلال السياسي والتجييش الطائفي لحادثة توقيف المطران موسى الحاج، على إثر قدومه من الأراضي المحتلة محمّلاً بنحو نصف مليون دولار أميركي، أجندة سياسية غير منفصلة عن المشاريع السياسية الإقليمية الآخذة بالتبلور، والتي يعتبر لبنان جزءًا منها، إنْ بالاستهداف المباشر أو بالتأثيرات غير المباشرة.
لم تهدأ الكنيسة، عبر رأسها وأذرعها السياسية والإعلامية، بل رفعت سقف التحدي للدولة والقانون والمؤسسات إلى مستويات غير مسبوقة، ضاربة عرض الحائط بكل خطاباتها السابقة التي كان تزايد عبرها على أطراف محليين بالالتزام بالقوانين وحفظ السيادة الوطنية وما شاكل من لغة إنشائية، أثبتت حادثة المطران الحاج أن الكنيسة في لبنان وفريقها السياسي والإعلامي يستخدمونه لـ”الزينة الخطابية” من دون أي تطبيق عملاني على الإطلاق.
وفي هذا السياق، استغربت مصادر سياسية لبنانية في حديثها لـ”الناشر”، ذهاب البطريركية المارونية، ومَن معها من سياسيين وسفارات، بشكل مباشر وسريع إلى استخدام الخطاب الطائفي المذهبي واللعب على الوتر المذهبي، في تحشيد الرأي العام إلى جانب الكنيسة، وضد الطائفة الشيعية في لبنان، وتحديداً حزب الله. وتساءلت المصادر، إذا كان لدى بكركي اعتراض على القضاء الذي أمر بتوقيف المطران الحاج ومساءلته، فلماذا تحويل هذا الاعتراض إلى خطاب عدائي ضد طائفة وحزب أساسيين في البلد؟ ومَن يخدم هذا التجييش الغرائزي غير الهجمة الخارجية المعروفة على حزب الله من زاوية مقاومته للعدو الإسرائيلي؟ ورأت المصادر ذاتها أن استهداف الأمن العام اللبناني ومديره العام اللواء عباس إبراهيم، من قبل بكركي وفريقها، يأتي في ذات السياق الطائفي والمذهبي الذي رفعته الكنيسة في لبنان بحجة الدفاع عن المطران موسى الحاج، علماً أن الأمن العام كان ينفّذ استنابة قضائية ملزمة.
وترى المصادر السياسية اللبنانية، أن اداء بكركي هذا يدلل على نوايا مبيّتة لافتعال أزمات إضافية في البلد، لكنه اداء ضربت بموجبه بكركي، والبطريرك الراعي خصوصاً، كل مناداتهم السابقة بضرورة حماية القضاء وتعزيزه وكفّ يدّ السياسيين عنه، وخصوصاً في قضية المرفأ، وهذا يدل على أن بكركي ومَن معها لا يؤمنون بالقضاء بل يستخدمونه كأداة سياسية لمهاجمة خصومهم السياسيين.
وبعيداً عن الدخول في تفاصيل قضية المطران موسى الحاج، الواضحة في القانون اللبناني لناحية ارتكابه جرائم تواصل مع العدو ونقل كميات ضخمة من الأموال عبره إلى الداخل اللبناني، فإن القانون اللبناني يجرّم التعامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف من الظروف. وفي هذا الإطار، تلفت المصادر السياسية نفسها نظر بكركي وراعيها، إلى أن مفهوم استحضار الكيان الصهيوني إلى الداخل اللبناني، جرّبه المسيحيون في السابق، إنْ من خلال الخطاب أو من خلال الاستحضار المباشر للاحتلال، وكانت نتائجه كارثية على لبنان عموماً وعلى المسيحيين خصوصاً، الذين دخلوا في “زمن إحباط” امتد طويلاً.
على أي حال، يترقّب الشارع اللبناني موقف حزب الله، الذي جمَع البطرك الراعي ثلة من الأشخاص في باحة قصره الصيفي لشتمه ووصفه بـ”الإرهابي”. وبصرف النظر عمّا إذا كان الحزب سيردّ أم أنه سيعتبر أن الخطابات الغرائزية، التي تتزايد في الآونة الأخيرة، لا تقدّم خيارَي التقسيم والتطبيع في البلد قيد أنملة، إلا أن حزب الله، كما هو معروف عنه، يمكن أن “يتفهّم” دوافع البعض في الملفات السياسية في البلد، مهما كانت حسّاسة، إلا أنه في ملف الصراع مع العدو الإسرائيل، والذي لا يزال قائماً ومستعراً، يضع هوامش ضيّقة جداً يعتبر من يتخطاها كمن مارس بالفعل الخيانة الوطنية الكبرى.
التعليقات مغلقة.