ليس جديدًا أن يصغي العالم بكلّه، المحبّ والمبغض، والصديق والعدو، والحليف والخصم، إلى كلّ كلمة أو إشارة تصدر عن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله. ولذلك من البديهيّ أن تحتل إطلالاته، سواء في خطابات أو في مقابلات، حديث الناس والإعلام بكلّ فئاته، ولا سيّما أن الدافع لدى كلّ المستمعين، بكلّ أنواعهم، هو الثقة بكلّ ما يقوله السيّد، وإن كانت هذه الثقة تؤدي بالعدو إلى تحسّس رأسه، فهي بالنسبة للمحبّين جرعة تزيدهم يقينًا بخياراتهم.
لا يمكن وضع عنوان واحد لحوار يوم الأمس مع السيّد، فكلّ العناوين المطروحة في الملفّات المحليّة والإقليمية وحتى العالمية كانت حاضرة بكلّ التفاصيل المتعلقة بها،
فلسطين واليمن وسوريا والجزائر والجمهورية الإسلامية في إيران، وكذلك الورقة الكويتية والهشاشة الإماراتية والتدخلات السعودية والدور الأميركي في الدعاية الانتخابية المبكرة في لبنان والجوّ الانتخابيّ ودور حزب الله في المجلس النيابي، بالإضافة إلى ما جعل “إسرائيل” تصحو ليلها لتحليل الكلمات المتعلّقة بقوّة المقاومة من الصواريخ الدقيقة إلى الدفاع الجويّ وغيرهما، جميعها مواضيع شكّلت نقاطًا رئيسية في مقابلة يعرف جميع من يشاهدها أنّها لا تحوي إلّا الحقيقة الأصدق.
في ما يتعلّق بالملف الداخلي اللبناني، ولا سيّما بالشقّ الخاص باتهام حزب الله بكونه حزبًا غير لبناني، تمكّن السيّد من توهين حجج كلّ القائلين بهذا الباطل بكلمات قليلة، وببسمة تقول الكثير: فالجهات الراعية لهذه المقولة تتشكّل “من بعض من يأتمرون بأوامر وتوجيهات السفارات ويتآمرون على المقاومة”، ومن الذين “لا برنامج لهم لإنقاذ لبنان وليس لديهم ما يقدمونه للناس سوى الهجوم على المقاومة”، وهم ممّن لم يقدموا “منذ ٢٠٠٥ غير الصراعات ووضع البلد على حافة الحرب”، وممّن يتصرّفون مع المقاومة “بعقلية ووسائل وأدوات العدو”، وهم ممّن “في امتحان السيادة والحرية والاستقلال سقطوا من زمان”. عمليًا، اكتفى السيّد بتوصيفهم دون حاجة لمهاجمتهم، فالتوصيف كان كافيًا لتوهين أقوالهم ولردّ التهمة عليهم معزّزة بالحجج وبالأدلة.
من المتوقع أن تثور ثائرة هؤلاء ردودًا وتعليقات في اليومين المقبلين، لا سيّما أنّهم بلغوا من الوقاحة ما يكفي لخروجهم إلى الناس ولو عراة من كلّ ما يستر أجنداتهم وارتزاقهم وانبطاحهم الذي اعتادوا عليه، لكنّهم مهما استشاطوا غضبًا على منابرهم المشبوهة ومنصاتهم الافتراضية الموبوءة، سيبقون صغارًا عجزوا عن تلبية المهام الموكلة إليهم وانكشفت نواياهم، وسيبقون قصار نظر وقيمة يعتاشون من محاولة الردّ على حزب الله وعلى السيّد، دون أن يحملوا أي ذرة متبقية لهم من الكرامة والشرف كي يتمكنوا من استعادة أنفسهم من براثن عوكر.
التعليقات مغلقة.