… ثمّ يأتي مدان محكوم خرج من السّجن بعفو عام، لا يُسقط تهمة ولا يزيل عار ارتكاب، ويقرّر مقاضاة الآخرين كلّما أشاروا إليه بحقيقة يراها مذمّة، ويفترض أنّه بذلك سيتمكّن من ترهيب الناطقين بالحقائق وجعلهم يتحاشون ذكره كي لا يتورّطوا في “دعوى قضائية”.
يحترف سمير جعجع الوهم في كلّ ميادين حركته “السياسية” وغيرها. ولعل توهّمه أنّ القضاء أداة تخويف للصحافة والرأي ما يدفعه دائمًا إلى “قنص” الصحفيين بطلقات الدعاوى القضائية.
على سيرة “القنص”، وددنا لو نثني على التطوّر الحاصل في الحركة الجعجعية إذ أصبحت تفضّل مقاضاة الناس عوضًا عن قتلهم، إلّا أن الطيونة لم تدخل بعد إلى جارور ملفات “الحرب الأهلية”، وبالتالي، لا يمكن الجزم بأنّ جعحع غيّر أدواته، ولكن لنقل أنّها باتت متنوّعة أكثر.
تلقى موقعنا، “الناشر”، التبليغ من مكتب جرائم المعلوماتية عن شكوى قدّمها سمير جعجع على خلفية مقال منشور. وجاءت الشكوى ضدّ الموقع ممثلًا بشخص مديره وضد كاتبة المقال موضوع الدعوى. ولمّا لم يرد في الشكوى ذكر عنوان أو تاريخ نشر المقال الذي يبدو أنّه أوجع جعجع، بحثنا كفريق عمل في جميع المقالات المنشورة لدينا والمتعلقة بجعجع وقوّاته، وبناء على ذلك، وباسم هيئة تحرير الموقع، نودّ إطلاع جعجع على بعض النقاط التي قد يكون جاهلًا بها:
الخصومة بيننا ليست مجرّد خصومة قضائية وليست مجرّد حكاية “رأي آخر” تودّ إسكاته بالقضاء لعجزك عن الأساليب الأخرى والتي تتقنها جيّدًا. بيننا خصومة سياسية وأخلاقية ووطنية تحتّم علينا الدقّة والوضوح في التعامل مع حضورك في ميادين العمل العام، وبالتالي تجعلنا فخورين جدًا بأنّنا نلاحقك، كمنبر صحفي، “عالدعسة”، ونذكّرك ونعيد التذكير أنّك مجرم مدان وأنّ العفو الذي نلته ليس صكّ تبرئة ولا دليل غسل يديك من أنهار دم أهدرته على مرّ سنين طوال.
تفرّغ محاميك لملاحقة الناس ورفع الدعاوى القضائية صار نكتة نتندّر بها في جلساتنا، وهو أمر تحاول من خلاله الظهور بمظهر الرجل الذي يحتمي بالقانون، ويحصّل تعويضات بمبالغ مرقومة بالقانون.. “ومش لابقلك”! من كل الزوايا، المشهد غير مقنع، وصار مملًّا.
حريّة التعبير وحريّة الرأي وحريّة الصحافة وكلّ الحريات المكفولة بالقانون وبالدستور هي وسائل نجيد استخدامها بالطريقة الصحيحة، وسنظلّ نستخدمها كحقّ بمواجهة الباطل الذي تمثّله وتفترض أنّه يمنحك حرية الاتهام “السياسي” وحريّة إسكات الناس وحريّة التضليل. إذًا، بمعيار قانونية الحريات ومصداقية الخلفيات، بيتنا من صخر وبيتك من زجاج.
… وبعد، إن الخصومة في كلّ الميادين مع نموذج كسمير جعجع شرف لنا كموقع صحفي، وكفريق عمل وكأفراد. وهي معركة نخوضها ونتابعها في كلّ يوم، بكلّ موقف وكلمة وصورة. جزء أساسي من مهمّتنا ومن أهداف تواجدنا على منابر الصحافة هو التعبير المتواصل عن الموقف السياسي المتصل حكمًا بالمواقف الأخلاقية والوطنية، والتي جميعها تؤرقك، لأنّك تقف تمامًا عند نقيضها.
التعليقات مغلقة.