ينتقل الواقع الداخلي الصعب من مرحلة جس النبض الى المناورة بالنار، بعد جلسة الانتخاب الأولى لرئيس الجمهورية والتي كانت معروفة النتائح مسبقاً. يدخل الوطن اليوم أتون مرحلة حساسة غير واضحة المعالم والآفاق في ظل اشتباك دولي قد ينزلق الى ما لا تحمد عقباه، وترقب أقليمي كبير محفوف بالتهور تارة والحسابات الكبرى تارة أخرى.
في لبنان فراغ رئاسي قد يطول بانتظار اي تأشيرةِ تحركٍ خارجية شرقاً او غرباً، مع الابقاء على الاشتباك والفرملة السياسية والاقتصادية الى نهاية ولاية الرئيس عون لاستكمال الحصار والتدمير الممنهج للعهد الذي كان رغبة داخلية ربما أكثر من كونه عقاباً خارجياً للرئيس الوطني والمقاوم. وربما يعدّ ملف الترسيم الذي شارف على رسم مشهده الاخير، التطور الايجابي الاوحد خلال السنوات الماضية التي شهدها لبنان. وعلى اهمية هذا الانجاز التاريخي الذي كان للمقاومة فيه الكلمة الفصل في اخضاع الخارج وبعض الداخل بالقبول بحقوق لبنان، لا تبدو الامور يسيرة أمام الاستفادة الحقَّة والمباشرة من هذه الثروة في ظل الابقاء على نفس النهج السياسي والطبقة الحاكمة، دون تعديل جوهري في مقاربة الأمور.
وبما أن الثروة النفطية تعتبر الملاذ الأخير للإبقاء على الهيكل العام للوطن شكلاً، وحتى لا تذهب الثروة طعاماً لحيتان المال ووحوش السلطة، وجب على من بدأ بصيانة الحق والحفاظ عليه وأخذ على نفسه مهمة الحفاظ على سيادة الوطن وكرامته وقوته، استكمال المسار الصعب والذي هو حكمًا أكثر صعوبة من تحرير الارض وانتزاع الحقوق النفطية من فم العدو. يستكمل المشهد بضمان الاستفادة من هذا الحق لانتشال الوطن والمواطن من بين ركام الجوع والعَوَز، والا لن نكون الا امام هدر مليارات الغاز كما أُهدرت العشرات منها على مدار سنوات من دون حسيب ولا رقيب. فهل يكون الوطن مع موعد يغير وجهه السياسي والاقتصادي الى غير رجعة؟
التعليقات مغلقة.