خرَق بيان مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو، الذي حمّل فيه شهداء مجزرة الطيونة مسؤولية استشهادهم بنيران قناصة محازبي القوات اللبنانية، الصمت السائد على الساحة السُنّية الموالية لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري حيال المجزرة وتداعياتها.
ومن المعروف أن فريق تيار المستقبل السياسي أكبر المتضررين من تحوّل الدعم السعودي عنه، وتوجهه نحو زعيم القوات سمير جعجع. كما انه من المعروف أيضًا أن قاضي التحقيق بانفجار المرفأ القاضي طارق بيطار استهدف، في من استهدفهم، مقام رئاسة الحكومة، ما استدعى موقفًا حازمًا من دار الفتوى ونادي رؤساء الحكومات السابقين.
غير أن تفرّد الجوزو بدعم مجزرة القوات في الطيونة له ما يفسّره بحسب مصادر متابعة، والتي أبلغت “الناشر” بأن جعجع وجد في الجوزو ضالته بعدما سعى زعيم معراب إلى إيجاد أوسع مروحة وطنية ممكنة تسانده بعد حالة الاستياء الوطنية العارمة التي سادت لبنان واللبنانيين إثر مجزرة الطيونة.
وتكشف المصادر عن أن مسؤولين في القوات وموفدين من قبلها تواصلوا وزاروا عددًا من الشخصيات السُنّية المغمورة والطامحة والتنظيمات السُنّية الصغيرة والتي لطالما دارت في فلك معراب، محاولين حثها على إصدار بيانات تدعم فيها القوات وتهاجم حزب الله على خلفية مجزرة الطيونة الأخيرة، كي لا تظهر القوات معزولة في الساحة الداخلية.
يسود ارتباك كبير في ساحة معراب، على ما تقول المصادر التي تحدثت عن قلق كبير داخل أسوار معراب جرّاء الانكشاف الوطني الكبير الذي أصاب القوات، ما ذكّر الصف السياسي المحيط بجعجع بأجواء عام 1994 يوم اتفقت الإرادات على أن مكان جعجع السجن، بعد تماديه في إجرامه ومجازره.
اليوم، يعتمد جعجع على الوكالة السعودية الممنوحة له كوكيل حصري لتنفيذ الرغبات السعودية في لبنان. غير أن المصادر تذكّر بوضع جعجع كوكيل إسرائيلي في لبنان خلال فترة مضت، إلا أن الهزائم الإسرائيلية والأميركية، والتحولات التي أعقبتها أدّت في ما أدّت إليه، إلى التخلي عن جعجع وزجّه في أقبية وزارة الدفاع.
مسؤولون في القوات وموفدون من قبلها تواصلوا وزاروا عددًا من الشخصيات السُنّية المغمورة والطامحة والتنظيمات السُنّية الصغيرة
البلد مقبل في هذه المرحلة على تحوّلات عميقة ربطًا بما يجري في المنطقة والإقليم، فيما جعجع يعقد رهانًا خاسرًا آخر بركوبه الموجة السعودية، فيما الأميركي يدير ظهره للمنطقة.
تقول المصادر إنه بصرف النظر عن موازين القوى الداخلية، والتي لا يبدو جعجع ظاهرًا على الشاشة فيها بالمقارنة مع حزب الله، فيما لو وقع المحظور، إلا أن جعجع يلعب في الوقت الضائع ما بين تغيّر الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، وما يَعتقد انه الوقت المناسب لتملأ الرياض الفراغ الأميركي هذا، ما يمنحه فسحة عمل مناسبة. الوقت الضيق هذا يضع جعجع أمام خيارين: الأول وهو استعجال الفتنة بأي ثمن، فيما الثاني متعلق بالأول وهو القيام بالكثير من الخطوات غير المحسوبة على غرار مجزرة الطيونة.
الخياران يعجّلان من وضع جعجع على حافة الهاوية. فالشارع الوطني بتوازناته الدقيقة وحساباته الحساسة لا يسمح بتكرار مشاهد الحرب الأهلية ومآسيها، والشارع المسيحي لا يحتمل الدخول مجددًا في زمن الإحباط ومتعلقاته السياسية والاجتماعية.
التعليقات مغلقة.