إيران انتصرت.. والحرب لم تنتهِ

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

إيران انتصرت نصرًا سيتجلى في التحرير الذي بات على مرمى نيرانها، وعلى مسافة صليات صواريخها اقترب تحقيق حلم العودة، وأدركنا بصفارات الإنذار كيف يكون الخطر أمانًا، حيث إنه في كل نغمة متقطعة كانت تتحرر فلسطين ولو لدقائق، وبالرغم من أن مهمة تلك الصافرات التي كانت تدوّي في بلدان عربية ومنها الأردن، حيث كنت أترقب صواريخ طهران، تمثلت باعتراض ما تستطيع منها كالمعتاد للأسف! إلاّ أنه حين كانوا يطلقون تلك الصافرات إذعانًا بوقوع ما أسمته الجهات الرسمية بخطر! كنت أرى فيه النقيض ألا وهو الأمان الذي يُطمئن القلب المتلهف للإحساس فيه، وهو ينتظر صواريخ طهران للاحتماء بها تارة من غدر العربان خصيصًا ممن يحاولون اعتراضها خضوعًا لإملاءات معسكر الشر الصهيوإمبريالي، وتارة أخرى من إرهاب العدو الصهيوني وآلام فقد الوطن والعجز عن انتزاع ثارات الشهداء والقادة الأولياء الأبرار.

ولمدة دقيقة ونصف عند النغمة الأولى كانت الغالبية الساحقة تنتشي فرحًا وكأن الأرواح تتجهز لاستقبال عشيق طال غيابه تجسد في صواريخ طهران الطاهرة، وعلى وقع خطابات قادة محور المقاومة وأناشيده كان يحلو النظر إليها، وهي تعبر فوق سمائنا لتُطهرها من رجس الأعداء، وهي تعبر لدك حصونهم.

وعند إطلاق النغمة الثانية التي تدلل وفقًا للجهات الرسمية هنا “على زوال الخطر”، كانت الأيادي ترتفع تضرعًا لله جلّ جلاله تناجيه بألا يزول خطر ورعب إيران لكيان الأعداء وأن تستمر الأعين بالاستمتاع بالنظر لتحرير فلسطين لساعات وأيام بفضل ورثة سيف ذي الفقار، الذين صانوا قدسية السيف والبيعة لأمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب، وكيف لا وسماحة المرشد الأعلى الإمام الخامنئي أعاد شرف الأمة المسلوب، وانتزع النصر والثأر، وهو يُعلن بدء المعركة “باسم حيدر… علي بسيف ذي الفقار عاد ليفتح باب خيبر”.

ورغم حجم التآمر المخيف على طهران، وفتح بعض العربان أراضي بلادهم ومجالاتهم الجوية والبحرية للصهاينة والأميركيين، وحلفائهم لاستباحتها، ولاعتراض صواريخ إيران، إلاّ أنها انتصرت وأخضعت الأعداء وفرضت شروطها بالطلقة الأخيرة في هذه المعركة التي غرستها في عمق الكيان، وأفئدة قطعان جنوده، وطغيانه وحليفه الأميركي وأذنابهم في المنطقة من حكام وأمراء عربان أوجعهم ضرب الكيان وقواعد الشيطان الأكبر، ولم توجعهم الدماء العفيفة التي سالت من غزة التي تُباد والضفة إلى لبنان واليمن حتى إيران التي قدمت في الأيام الأخيرة أكثر من 600 شهيد على طريق القدس والتحرير منذ إطلاقها عملية “الوعد الصادق 3” ردًا على الهجوم الصهيوني الإرهابي الذي استهدف الجمهورية الإسلامية.

واليوم علينا أن نقف بخشوع حين نذكر حرب الأيام الـ 12 التي بوركت بفضل وابل صواريخ إيران، ونُلقي تحية الإجلال لكل صاروخ ومسيرة دكّت بهما إيران بالدم، كيان الاحتلال، وقواعد الأميركيين، وحين يصيبنا اليأس فلنبدده باستحضار مشاهد مرور صواريخ طهران فوق سماء بلداننا، وهي تغدو لتدمر الأعداء، ولنبقى نسبح باسم رب الراجمات الصادحات المحرقات ونردد “يا قاصم الجبارين سدد الرمي وثبت الأقدام”، فالحرب لم تنتهِ إلى هنا؛ لأن محور المقاومة الطاهر وقلبه النابض المتمثل بطهران لن يتوقف إلاّ بتدمير الشيطان الأكبر وسحق ربيبته الصهيونية وأذنابها من بلادنا، عقب انتصار الجمهورية الإسلامية باستئصال محاولات الهيمنة الأميركية والصهيونية على المنطقة.

وعليه احفروا مشاهد دمار الصهيوني بالذاكرة بعزة، ولا تنسوا ذل من حاول اعتراض صواريخ ومسيرات إيران فهؤلاء خصوم لله ودماء شهدائه التي قسمًا لن تغفر لأذناب معسكر الشر في المنطقة التي أعادت لها الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشرف والمجد، فكم حلمنا بأن يهتز كيان العدو إلى أن احترق بفضل إيران ومحور المقاومة الذي لم يكل ولن يمل من الدفاع عن قدسية أراضينا، وها هي غزة عادت لها البهجة وانتصرت بفضل صواريخ ومسيرات إيران التي اقتصت ممن أبادها، كما اليمن ولبنان حيث إن الشهداء من جنان الخلد سددوا الرمي وتبسموا على امتداد ساحات محور المقاومة احتفاءً بانتزاع رفاقهم وأخوتهم في الجهاد والنضال لثأرهم، وأبصرت أوطاننا سماحة السيد الأسمى حسن نصر الله، يطلُّ من عليائه، منذ اليوم الأول لبدء عملية “الوعد الصادق3” ويُردد جديدًا على مسامعنا بعضًا من كنز أقواله التي تثبتها الأيام دومًا “البعض يتصور أنه في حال قصف كيان العدو إيران الجمهورية الإسلامية ستعتمد على أصدقائها بالمنطقة، لكن، لا، الجمهورية الإسلامية إذا قُصفت هي سترد بالمباشر وردها سيكون قاسيًا وعنيفًا وشديدًا”.

وحقًا كان الرد عنيفًا وقاسيًا، فكما دمرت مرارًا وتكرارًا أسطورة العدو يا سماحة سيدنا بمعية رجال الله في حزبه، وصدقت انتصاراتك قولك عن كيان العدو بـ “إنه أوهن من بيت العنكبوت” كشفت إيران من جديد عن هشاشة بيت العنكبوت حين أصابت أهدافًا حيوية واستراتيجية في عمق الأراضي المحتلة، أبرزها هيئة الأركان ووزارة الحرب الصهيونية، ومقر القيادة والاستخبارات، ومصانع الأسلحة، ومجمع “بازان للبتروكيماويات”، ومراكز للأمن السيبراني، وغيرها كمركز “وايزمان للأبحاث”، ومطارات ومنشآت عسكرية أخرى، علاوة على دمار أنظمة العدو الدفاعية والهجومية الجوية، وحتى البحرية عقب استهداف قواعده التي يضرب بها المنطقة في البحر الأبيض المتوسط، ليهوي الكيان الصهيوني رغم امتلاكه ترسانة نووية وصاروخية وعسكرية متطورة، تدعمها أميركا وحلفاؤها بالمليارات.

ورغم كل الدعم الأميركي والغربي والعربي، إلاّ أن الكيان فعلًا هُزم واحترق، حتى أن منظومة الدفاع الجوية من “القبة الحديدة، ومقلاع داوود، الى ثاد النظام الذي أرسلته أميركا للكيان والمعروف بقوته” انهارت جميعها أمام صواريخ إيران المباركة، بالتزامن مع نفاد “صواريخ منظومة السهم التي يستند إليها الكيان لاعتراض الصواريخ البالستية” وفقًا لإعلام الأعداء.

وفي الساعات الأخيرة تدخلت أميركا بشكل مباشر لإنقاذ ربيبتها الصهيونية، ووجهت ضربة لإيران كانت بمثابة دليل دامغ على الهزيمة الساحقة التي هزت بعمق كيان العدو، ومن يتقن قراءة الواقع يُدرك تمامًا أن الهجوم الإرهابي الأميركي كشف تخبط الكيان وأميركا وحلفائهما واستجدائهما لوقف إطلاق النار، خصيصًا عقب انطلاق عملية “بشائر الفتح” ضد قواعد الشيطان الأكبر، ولعل أهم ما تم استهدافه بتلك العملية، العديد في قطر، القاعدة التي تشكل أكبر تهديد على المنطقة، حيث إن العديد، المنشأة العسكرية الأميركية الأضخم في الوطن العربي “تضم نحو 10 آلاف من كبار الضباط والجنود الأميركيين، ما يجعلها مركز قيادة للجيش الأميركي ولعملياته”، وفقًا لوزارة الدفاع الأميركية التي أكدت أن القاعدة “أساسية للأمن الإقليمي”، وهذا التصريح يحمل تفسيرًا واحدًا نعلمه وهو أن العديد وغيرها من القواعد وجدت لحماية مصالح معسكر الشر الصهيوأميركي في المنطقة للدفاع عنها وضرب بلدان عربية عبرها كما حصل سابقًا، وأيضًا لشن هجمات على ساحات محور المقاومة الطاهرة عبرها واعتراض صواريخه، ما يجعلها أمنًا للشيطان الأكبر والكيان، واختراقًا للمنطقة بتآمر عربي رسمي وانتهاكًا لسيادتها. وسأتطرق في مقال لاحق، إلى تورط الأنظمة العربية في جرائم الأعداء عبر تلك القواعد المتفشية في بلداننا العربية التي حاولت بعضًا منها حتى إنكار وجودها خشية من عقابها على خيانتها بصواريخ طهران المباركة، فهم يرتعدون حتى من صدى مسيراتها، ويتفقدون عروش ذلهم التي ستنهار حال فشلوا بحماية أسيادهم الأميركيين والصهاينة.

وفي خضم ذلك بقي سماحة سيدنا الأسمى نصر الله، حاضرًا، ومن سماء الله يخطط، ويقصف مع إيران القواعد الأميركية، والكيان، وينتظر تحقيق نبوءته بـ “بدء انتقال نعوش جنود وضباط العدو الأميركي من منطقتنا”، حيث أكد سماحته آنذاك بأن نعوشهم حين تبدأ بالانتقال “سيُدرك ترامب وإدارته بأنهم خسروا المنطقة(..)، وإذا تحقق هذا الهدف وسيتحقق إن شاء الله سيصبح تحرير القدس على مرمى حجر، عندما تخرج أميركا من المنطقة سيجمع هؤلاء الصهاينة ثيابهم في حقائبهم ويرحلون”.

وصدق السيد نبوءته كما وعده ونصره، وها هم الصهاينة المغتصبين يرحلون صاغرين من أراضينا المحتلة، رغم قرار وقف إطلاق النار، إلاّ أن انتصار إيران سيبقى رعبًا يرتجف أمامه العدو المهزوم المأزوم تحت أنقاض الكيان، كذلك القواعد الأميركية التي ما تزال في حالة تأهب قصوى وتوتر غير مسبوق كحال أنظمة عربية خائنة تخشى يوم الحساب وهي تهوي كما الكيان.

ولأن السيد نصر الله لم يُغادرنا يومًا، ما زال حتى بعد الانتصار يشحذ بالمقاومين الهمم وبالأنفس العزائم، ويبشرنا باقتراب التحرير وهزيمة الأعداء، ومن عليائه يبصرنا ونحن نحتمي بروحه التي تطوف في سماء أوطاننا، وخطاباته، لننتظر على وقعها بزوغ فجر النصر كما وعدنا في قوله عليه الصلاة والسلام “بالرغم من مشاهد قطع الليل المظلم الزاحفة على منطقتنا من بين رائحة الدم والبارود ننظر بكل يقين فنرى أن خلف هذه القطع المظلمة من الليل المدلهم أنّ هناك فجرًا للنصر سيبزغ وأن هناك شمسًا للعدالة والحق ستشرق على كل هذا العالم (…)”.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد