خلال الأيام الماضية، بدأ الحديث داخل الأروقة السياسية عن أن الذهاب باتجاه الاستحقاق الرئاسي لن يكون سهلًا، بل إن توجهًا له قاعدة صلبة في المجلس النيابي يتضح بشدة، يتحدث عن ضرورة الذهاب نحو ترشيح شخصية واضحة الخيارات السياسية لكي تكون رأس حربة المواجهة في وجه الفريق الذي يمتلك أوراق ضاغطة على الساحة السياسية داخليًا وإقليميًا.
ولعل طرح اسم رئيس حزب «القوات» سمير جعجع خفف من أهمية هذا الخيار، نظرًا لصعوبة تسويق اسمه لدى الأفرقاء المرتبطين بالسفارتين الأميركية والسعودية، إضافة إلى بعض النواب الجدد (التغييريين) والمستقلين، لكن أصل فكرة الذهاب نحو مرشّح مواجهة قد تكون مطروحة وقابلة للحياة بغض النظر عن إمكانية إيصاله إلى بعبدا.
تحديان أساسيان يواجهان أصحاب هذا الطرح:
التحدي الأول هو إقناع وليد جنبلاط بدعم هذا الخيار، إن كان عبر اختيار شخصية لا يمكن له رفضها أو عبر إقناعه من قبل بعض الدول الإقليمية بأن المصلحة الاستراتيجية تفرض هذا التوجه دون غيره.
من دون ذلك، سيبقى جنبلاط في موقعه الوسطي الذي بات اليوم أقرب لتنسيق العلاقة مع «حزب الله»، عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، ما يعني أن ذهابه باتجاه رئيس يثير ريبة الحزب، ليس مطروحًا في خطة جنبلاط للمرحلة القادمة، لا بل قد يكون نواب “الاشتراكي” يتجهون للتصويت لحليف «حزب الله» سليمان فرنجية، إذا ما استمرت التطورات في المنطقة على حالها.
التحدي الثاني يتمثل بنواب “تيار المستقبل” سابقًا، الذين تربطهم علاقات جيدة جدًا ببعض أفرقاء قوى الثامن من آذار وعلى رأسهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، المرشح الأساسي للرئاسة، كما أن علاقة هؤلاء النواب سيئة بقوى الرابع عشر من آذار المسيحيين، ومتوترة بالقوات، وليسوا في وارد خوض معاركهم.
خسارة هذين المكونين في المجلس النيابي لا تعني فقط خسارة المعركة النيابية في الانتخابات الرئاسية وبالتالي عدم إمكانية فرض مرشح تحدٍّ، بل أيضًا سيكون الأمر بمثابة خسارة الميثاقية الدرزية، وبدرجة أقل المكوّن السني لهذه المعركة بعد خسارة الميثاقية الشيعية، وهذا سيشكل الضربة القاضية لأي توجه رئاسي أحادي.
وتبقى الطعون الانتخابية التي يأمل كثر من حلفاء «حزب الله» في أن تصب في صالحهم، كما أنها قد تؤدي، في حال تخطت الثلاثة، إلى قلب الأكثرية النيابية وتحويل تحالف 8 آذار والتيار الوطني الحر، إذا توافق جبران باسيل مع “حزب الله” ضمن سلة سياسية كاملة، إلى الفريق الذي يمتلك النصف زائدًا واحدًا من دون الحاجة إلى نواب “الاشتراكي” و”المستقبل سابقًا”. ومن الواضح أنه في هذه الحالة، سيهمش دور النواب المستقلين في هذا الاستحقاق، وستتبعثر كتلة النواب الجدد.
التعليقات مغلقة.