الناشر – صنعاء |
أبت السعودية أن تخرج من ورطتها في قيادة العدوان على الشعب اليمني بما تبقى لها من ماء وجه، واتجهت نحو تعزيز خسائرها البشرية والمادية وحصد المزيد من الانتكاسات العسكرية المخزية لجيشها الذي يصنف كثالث اقوى جيوش المنطقة؛ فالرياض التي نجحت في تدمير البنية التحتية اليمنية خلال السنوات الماضية وقتلت بوحشية عشرات الآلاف من اليمنيين وتسببت بنزوح أكثر من 3.4 مليون إنسان، ما تزال تراهن على الخيار العسكري لإعادة اعتبارها ولو في الوقت بدل الضائع، وعمدت منذ أيام إلى التصعيد العسكري البري والجوي في جبهات محافظتي مأرب والجوف.
التصعيد الجديد للرياض والقوات الموالية لها في الداخل اليمني، جاء بعد فشلها في انتزاع مكاسب سياسية -عبر الوساطة العمانية- عجزت عن تحقيقها خلال أكثر من ست سنوات من الحرب والحصار، لكن في ظل تغير موازين القوة وتمكن صنعاء من فرض معادلة عسكرية جديدة على الأرض في جبهات مأرب الممتدة من غرب المدينة إلى شمال غرب وجنوب المدينة وشمالها، يضاف إلى ذلك تمكن قوات صنعاء من تطوير قدراتها الجوية وأصبحت يدها الطولى الممثلة بالقوة الصاروخية وطيران الجو المسير تصل الرياض وما بعد الرياض، صدت خلال الأيام الماضية عددا كبيرا من الهجمات التي شنتها قوات موالية للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي في جبهات البلق القبلي والطلعة الحمراء وتبه البس والمصارية والتومة العليا والعطيف ودشن الخشب ورغوان وجميها في تخوم مدينة مأرب، وبعد أن أوقعت خسائر فادحة في القوات المعادية، انتقلت من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم لتحرز تقدمات جديدة في رغوان شمال غرب مدينة مارب، وفي دشن الحقن وجبهة البلق القبلي المطل على سد مارب الواقع اقصى شرق مديرية صرواح. ورغم أن قوات هادي تلقت إسنادا جويا كثيفا من تحالف العدوان في تخوم المدينة، فشلت خطتها العسكرية التي عملت على الترتيب لها على مدى اكثر من أسبوعين من تحقيق أي مكاسب ميدانية على الأرض.
وأفادت مصادر في صنعاء بأن قوات هادي والميليشيات التابعة لها راهنت بشكل مبالغ على ارتخاء الجاهزية العسكرية لقوات الجيش واللجان الشعبية في جبهات غرب وشمال غرب مدينة مأرب، وعمدت إلى حشد المزيد من القوات مستغلة تراجع حدة المواجهات في تخوم مدينة مارب من قبل قوات صنعاء وذلك للإسهام في إنجاح مساعي السلام العمانية، ورغم ذلك كانت ترتيبات القوات المعادية في مارب لجولة جديدة من المواجهات مرصودهة بدقة من قبل جهاز الاستخبارات العسكرية التابع لصنعاء، يضاف إلى ذلك أن تحركات تلك القوات والميليشيات الموالية لدول تحالف العدوان كانت محسوبة من قبل الجيش واللجان الشعبية والتي وضعت ما يوازيها من الخطط العسكرية المناسبة وهو ما افشل كافة الهجمات واحبط كل المحاولات القوات المهاجمة في جبهات غرب وشمال غرب مارب خسائر فادحة خلال الأيام الماضية.
الدور الأميركي في التصعيد الجديد في تخوم مدينة مأرب كان واضحا، فبعكس الحرص المزعوم لواشنطن والرياض على وقف المواجهات العسكرية في تخوم مدينة مأرب وتجنيب المدينة ويلات الحرب، أيد المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندر كينغ، في اتصال اجراه عبر دائرة الكترونية مع محافظ مأرب المحسوب على حزب الإصلاح، سلطان العرادة، الأسبوع الماضي، الجهود التي تبذلها قوات هادي ومليشيات الإصلاح لإعاقة تقدم قوات صنعاء نحو المدينة، وأكد دعم واشنطن لمليشيات الإصلاح في معركة الدفاع عن مأرب على حد قوله، لكنه في نفس الوقت ظل يواصل حشد المزيد من المواقف الدولية ويكثف الضغوط ضد حركة “أنصار الله” لوقف إطلاق النار في محيط مارب، مهولاً من التداعيات الإنسانية الكبيرة التي ستنتج في حال اقتحام قوات صنعاء مدينة مأرب وتحريرها.
المواجهات اشتدت بعد عودة المبعوث الأميركي لدى اليمن إلى الرياض وزيارته للعاصمة العمانية “مسقط “، وتلقي رسائل “أنصار الله” التي حملها الوفد السلطاني العماني الأسبوع الماضي لأطراف العدوان وللجانب الأميركي تحديداً. وقد أطلق ليندر كينغ الذي حث تحالف العدوان الشهر الماضي على العمل على تسوية الوضع عسكرياً في مأرب إشارة البدء في التصعيد العسكري في مختلف جبهات مأرب ابتداء من السبت، في محاولة يائسة لإعادة مسار المعركة في مأرب لصالح الضغوط الأميركية، لكن المؤشرات على الأرض تفيد بأن الرياض وأدواتها ستمنى بالمزيد من الانكسارات العسكرية في جبهات مأرب والجوف وأي جبهات أخرى قد تحركها الرياض وأدواتها لإرضاء واشنطن التي ترى أن طاولة السلام تحتاج إلى تسوية عسكرية على الأرض.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.