على وقع صوت النيران وهي تلتهم الأشجار وتمتدّ إلى الأراضي الزراعية والأحراج،
على وقع الصمت الرسمي المؤذي فيما يتدافع الجنوبيون بلحمهم الحيّ لمحاصرة الحريق،
على وقع العجز الفادح في المعدات والتجهيزات التي كان من الممكن أن تساهم في إخماد ألسنة اللهب قبل أن تحملها الريح إلى كلّ الجهات،
على وقع الألم الذي ترافق مع صرخات الناس وهي ترى أرزاقها طعامًا لنارِ الإهمال والتقصير والتخاذل،
على وقع الغضب الذي يترافق مع سيل الأسئلة حول طبيعة الحريق وأسباب التقصير في التحرك سريعًا لمعالجته،
على وقع هذا القدر من الحزن الآتي من الجنوب، نفتتحُ اليوم.
من وادي زبقين وياطر والزرارية وصير الغربية وباريش وطيرفلسيه وغيرها من القرى، سيلُ النار لم يهدأ، والحريق الذي اندلع فجر أمس لم يكتفِ بأنين الأحراج المعمّرة في الوادي العظيم، ولم يكفه أن أوقد الجمر في جذوع الشجر الذي استحال رمادًا، فامتدّ إلى الحقول، واقترب أو كاد يقترب من البيوت.
بما توفّر، بما تيسّر، تعاون أهل المنطقة مع مراكز الدفاع المدني المحلية وكل الجهات التي تدخلت للمساعدة في إخماد التيران.
على منصات التواصل، تناقل الناشطون مشاهد وصورًا من الحريق الكبير. غضبٌ ممتزج بالحزن ترافق مع انتقاد حجم التخاذل الرسمي والإعلامي في التعاطي مع حدث لا يقل حجمًا ولا نوعًا عن أي كارثة.
لم يتداعَ أبناء منظمات المجتمع المدني المنظرون عادة بالخوف على البيئة إلى وقفة تطالب أهل المسؤولية بحماية البيئة التي اغتيلت على مرأى الحميع، فجغرافيا الحدث الأليم كانت خارج نطاق تغطيتهم واهتمامهم. ولكم أن تتذكروا تباكيهم على البيئة حين تعرّض نادي الغولف للانتقاد!
لم تتململ وزارة الداخلية والبلديات أمام المشهد، فهو لم يتضمّن صورة لأفراد المنتخب الإيراني وأمتعتهم في مطار بيروت.
لم يهرع أحد لإرسال نداءات النجدة إلى سوريا وقبرص. ربما أحدهم ينتظر أن يعرض الكيان الصهيوني المساعدة لندخل في نار نقاش بات مملًّا لكثرة ما تكرّر.
يوم الأحد يوم عطلة، ووحدهم أهل الأرزاق المهدّدة وجيرانهم وأحبّتهم لم يعرفوا العطلة. وقفوا قبالة النار يحاولون صدّها بلحمهم، ولم ينتظروا إشفاقًا على حالهم ممّن يبدعون في فنون التخاذل حين يكون الحدث الجنوب.
حل الصباح وإن لم تجد العتمةُ مستقرًا لها بالأمس إذ أضاء الحريق سماء عامل. حلّ الصباح ولا تمتلك القلوب سوى أن تردّد أن “يا نار، كوني بردًا وسلامًا” على الجنوب وأهل الجنوب الطيبين.
التعليقات مغلقة.