لم يطل الأمر كثيرًا بوزير الخارجية السعودي حتى “بقّ بحصته”: “الأزمة مع لبنان تعود أسبابها إلى هيمنة حزب الله”، موفّرًا بذلك على المتسابقين إلى إدانة وزير الإعلام اللبناني جهد تورية أسباب الهستيريا السعودية ودسّها بين سطور موقف لم يسىء بأي شكل من الأشكال للسعوديين.
قد تكون من المرّات النادرة التي ينطق فيها وزير خارجية سعودي ببعض الصدق في جملة تامة، وإن لم يتمّم صدقه، وذلك مفهوم طبعًا، فالطبعُ غلّاب، ومن اعتاد الكذب سيصعب عليه صياغة جملة خالية تمامًا من الأضاليل. ولكن، كي نكون إيجابيين، سنركّز على بعض الصدق الذي نطق به فيصل بن فرحان: أزمة السعودية مع لبنان تكمن في حزب الله. وهذا ما كان واضحًا منذ أن سعت السعودية سعيها وكادت كيدها كي تمنع تشكيل حكومة تضم وزراء من حزب الله.
مشكلتهم ليست في أن يصف قرداحي حربهم العدوانية على اليمن بالعبثية، فهم ارتضوا تشبيههم بالبقرة، وليس فيهم من يستشعر الإهانة. هم مبرمجون على الأذى ضدّ كلّ من يعادي الصهاينة، ويعاديهم ضمنًا. ولهول سطحيتهم، هم لا يجتهدون في البحث عن حجج منطقية. يستشيطون غضبًا مدبّرًا ثم يبدأون بإطلاق القرارات العدوانية التي يحتاجون لاتخاذها لأسباب تتعلّق فقط بحرصهم على مصالح الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها.
لم يتمّم ابن فرحان كلامه إذ تحدّث عن هيمنة يعرف جيدًا أنّها وهْم دفعَ نظامه مبالغ طائلة للتسويق له. فلو أراد حزب الله الهيمنة على لبنان، لو سمحت له أخلاقياته بذلك، لما اضطرت السعودية إلى اتخاذ قرار سحب سفيرها من لبنان، ببساطة لأنها ما كانت ستتجرّأ على إرسال سفير أو بعثة ديبلوماسية.
محليًا، الأزمة تتفاعل، وبات معلومًا أن إقالة قرداحي غير واردة، وأنّ استقالته مرهونة بالاستشارات التي يجريها، وكذلك فإن استقالة الحكومة مستبعدة أقلّه في الوقت الراهن بعد طلب “غربي” إلى ميقاتي بالتريّث في هذا الشأن.
بانتظار المستجدات التي قد ترد اليوم، لا يمكن القول إلّا أن كلّ قطرة دم أراقتها السعودية في اليمن العربي العزيز وفي كل قطر عربي استهدفته السعودية بإرهابها، كل دمعة وكل بيت محزون، سيبقون حدًّا بيننا وبين الخضوع لعنجهية الظالمين، مهما بالغوا في صياغة تهديداتهم المعادية ووعيدهم الركيك.
التعليقات مغلقة.