يغتاظ كثيرون حين يسمعون أو يقرؤون جملة “الوعد الصادق” لأنها تذكّرهم بعدد مرّات الخيبة التي أصيبوا بها كلما تحدث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وتضمّن حديثه وعدًا للبنانيين بإنجازٍ ما يحققه حزب الله لهم بعد ذلك الوعد، أو كلما هدّد سماحته العدو -إسرائيليًا أو تكفيريًا- بانتقام ما وحصل هذا الانتقام.
سخر الكثيرون من اللبنانيين والعرب، من سياسيين وإعلاميين وناشطين، من وعد السيّد نصر الله بجلب المواد النفطية من إيران، مهددًا إسرائيل والولايات المتحدة من مغبة التعرّض لأية سفينة قادمة من إيران إلى البحر المتوسط.
سخر هؤلاء لأن إيران لا بنزين لديها ولا مازوت، وازدحام السيارات في مدنها على محطات الوقود كبير، والحصار (الدولي، كما فهموه بثقافتهم واطلاعهم الشديدَين) المفروض عليها شديد، ولذلك فإن السيّد نصر الله وعد اللبنانيين بمازوت وبنزين كان حزبه قد هرّبه إلى سوريا وسيعيد بعضًا منه إلى لبنان لإرضاء جمهوره الغاضب من تقصير الحزب بحقه.
لا علينا، السفينة الموعودة وصلت إلى مرفأ بانياس السوري سالمة آمنة، كسلامة كل الأراضي اللبنانية وأمانها بوجود المقاومة، وستُنقل حمولتها إلى شاحنات نقل الوقود التي ستتوجه إلى الأراضي اللبنانية، بسلامة وأمان أيضًا، لتساعد، وكميات أخرى قادمة على متن سفن أخرى، في رفع المعاناة عن اللبنانيين، كل اللبنانيين، كدأب حزب الله الذي قاوم لأجل كل لبنان، ويحمي لأجل كل لبنان، ويساعد لأجل كل لبنان.
سيعترض هؤلاء، لأن “النق” وظيفتهم، متحججين بالعقوبات الأميركية، وعلاقات لبنان مع الأشقاء العرب. سيعملون على التقليل من أهمية الإنجاز والتوهين فيه، هذا دأبهم، لكن الأنظار ستكون مصوّبة نحو اتجاه آخر، غير تلك التفاهة في التعليقات والمواقف والخواء في المبادرات والأفعال، الأنظار ستكون مصوّبة باتجاه الصهاريج التي ستدخل لبنان ومعها المساعدات من مواد نفطية وغيرها. أيضًا ستتجه الأنظار الى البحر، حيث المزيد من السفن تمخر عبابه وعلى متنها المزيد مما يحتاجه اللبنانيون، والمزيد مما حرموا منه بفعل الحصار الأميركي الجائر.
ستتجه الأنظار الى الإدارة الأميركية وهي تقف عاجزة عن مدّ يد العون لأدواتها في لبنان، عاجزة عن تقديم أي دغم سوى البيانات والزيارات والمؤتمرات الصحفية. ستتجه الأنظار أيضًا إلى سمير جعجع وسعد الحريري والـNGO’s وغيرهم ممّن راهنوا على إدارات المضائق التي تعبرها السفن الإيرانية، وتمنوا أن تمنعها من استكمال طريقها. سيقف هؤلاء وقد أُسقِط في أيديهم، فقد كشفهم الشعب اللبناني، كشف تواطؤهم مع الحصار والمحاصِرين، كشف استسلامهم وانسياقهم الأعمى حلف السياسات والرغبات الغربية، حتى ولو كانت ضد مصالح أبناء شعبهم وبلدهم، كشف أنهم يعتاشون على كونهم أتباعًا، وأن لا خيار أمام الأتباع سوى الخبية واليأس.
التعليقات مغلقة.