بعد السفيرة الأمركية في بيروت دوروثي شيا، دخل مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق والمسؤول عن ملف الشرق الأوسط، ديفد شينكر، على خط محاولات تهدئة روع أتباع واشنطن في لبنان. كثافة التدخل الأميركي بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، عن انطلاق أولى سفن الوقود الإيرانية إلى لبنان، يبرهن حالة الضياع والارتباك والإحباط التي تعاني منها الأدوات الأميركية في لبنان.
وعلى الرغم من أن شينكر منتهي الصلاحية، إذ لا صفة رسمية له، وبالتالي فإن لا مفاعيل عملية لمواقفه، إلا أنه تدخّل سريعاً لمدّ أتباعه بجرعة معنوية تخفف عنهم هول الصدمة، وألم فقدان الحيلة. غير أن كلام شينكر لموقع “أساس”، إحدى أذرع عوكر الإعلامية، زاد طين المراهنين على أميركا في لبنان بلّة. حاول الرجل ترميم الصورة الباهتة التي أنتجتها مواقف شيا الأخيرة، إلا أن عذره كان أقبح من زلة لسان السفيرة، التي فضحت تقصير وقصور السفارة ورجالها، وخلو وفاضهم من أي فعل يُعتدّ به، بعيدًا عن الوعود الفارغة والكلام المعسول.
قال شينكر إنه من باب الصدفة أتى إعلان السفيرة الأميركية عن استجرار الغاز في يوم خطاب السيّد نصر الله. أراد شينكر التخفيف من وطأة الاستخفاف والكوميديا التي قوبل بها كلام شيا. لكنه أصبح هو وكلامه مثار تندّر اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الصالونات السياسية المغلقة على السواء.
فسفينة المازوت الإيرانية التي تمخر البحر إلى مخازنها المقررة، أصاب هديرها رهانات الادارة الأميركية وجماعاتها في لبنان بالخيبة، كما وصف عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله. وكما فضحت السفيرة الاميركية بوقاحتها المعهودة مسؤولية إدارتها عندما أقرَّت بقدرتها على جلب التمويل من البنك الدولي لاستجرار الكهرباء، فضح شينكر عجزهم وتخبّطهم، بل وحاجتهم إلى من يتكلم باسمهم، بعدما صاروا عاجزين عن أي فعل أو قول يُقنع الناس، ولم يعد في يدهم حيلة إلا فتح هواء شاشاتهم وصفحات مواقعهم الممولة أميركيًا، للردح والتحريض والتشكيك الغبي.
يُدرك الأميركيون أن بيادقهم في لبنان عاجزون عن تحقيق أي نقطة في شباك المقاومة، ويدركون أيضًا أن “سحر” الحصار والعقوبات والحرب الاقتصادية، بدأ ينقلب عليهم في لبنان. يمكن لأي متابع بسيط أن يلمس ارتياح الناس وترحيبهم بخطوات حزب الله الجبارة في سبيل مساعدتهم وتخفيف أعباء الحصار الأميركي عنهم. الناس كل الناس، من الشمال الى الجنوب مرورًا ببيروت والجبل. هذا الارتياح هو بالضبط ما يُقلق الأميركيين، خصوصًا وأنهم يراقبون أدواتهم وهم مكبلو الأيدي والأرجُل، وقد رُبطت ألسنتهم، وفضحتهم الأزمة، وظهروا على حقيقتهم المعروفة في الأصل لجميع اللبنانيين، على أنهم محتكرون تجار أزمات.
قوات سمير جعجع على رأس أولئك المفضوحين. أما الـNGO’s، فيبدو أن مدّة صلاحيتهم شارفت على الانتهاء، خصوصًا بعد الذكرى السنوية الأولى لانفجار المرفأ في الرابع من آب، حيث أظهروا الكثير من الهشاشة على الأرض، والكثير من الهبل على الشاشات، ومارسيل غانم يشهد.
هذا المشهد العام يُبرّر قول السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، أمام عدد ممّن التقتهم أخيرًا، عندما أكّدت أن منظمات المجتمع المدني ليست خيارًا استراتيجيًا لبلادها، وهي مضطرة للتعامل معهم في ظل غياب الحكومة، مشدّدة على أن بلادها ستتعامل مع أي حكومة لبنانية فور تشكيلها.
في الخلاصة، تثبت المقاومة من جديد أنها الأحرص والأقدر على صون البلاد والعباد، وأن الآخرين، “كلن يعني كلن”، غير قادرين على قول كلمة حق واحدة طالما أنها من خارج النَّص الأميركي.
التعليقات مغلقة.