لا بد أن المبادرات الإقليمية أو الدولية النشطة مؤخرا، وفي اتجاه تسوية الأوضاع في اليمن، تأخذ بالاعتبار التبعات الكارثية لحرب اقتصادية، صار العالم يعرف كيف اعتمدها تحالف العدوان بموازاة حربه العسكرية التي بدأها في مارس 2015.
وفي بعض مضامين مبادرات السلام في اليمن، ما ينطلق من أخطاء ترتقي إلى مستوى الجريمة، أمعن تحالف العدوان في ارتكابها ضمن حربه الاقتصادية غير المقتصرة على الإغلاق أمام الواردات من السلع، بما في ذلك الوقود، أو تقييد حركة التنقل والسفر، لكنها شملت تدمير البنى التحتية في القطاعات الإنتاجية والخدمية، سواء بالهجمات الجوية أو بإجراءات وقرارات قادت إلى التعطيل والانقسام المؤسسي، وانتجت انهيارا وتدهورا سريعا وحادا على مستويات قيمة العملة والاقتصاد الكلي للبلاد.
وقدرت إحصائيات حكومية في صنعاء، خسائر الاقتصاد في اليمن، نتيجة الحرب والحصار لستة أعوام ماضية، بنحو 190 مليار دولار.
وتضررت القطاعات الصناعية والزراعية والنفطية بشكل كبير، إذ تفيد الإحصائيات أن إجمالي الخسائر التي تكبدها القطاع الزراعي، بلغت 111ملياراً و279 مليوناً و270 ألف دولار، فيما بلغت الخسائر في قطاع النفط والغاز والمعادن 45 ملياراً و483 مليون دولار. أما قطاع الصناعة فقد خسر نحو 1.373 مليار دولار.
وتفصيلا، كشف تقرير لوزارة الزراعة بصنعاء، أن الخسائر والأضرار المباشرة في القطاع الزراعي بلغت 7مليارات و477 مليوناً و506آلاف دولار منها: 3 مليارات و161 مليون دولار خسائر المحاصيل الزراعية، و370 مليوناً و294 ألف دولار خسائر الثروة الحيوانية، و8 ملايين و41 ألف دولار خسائر إنتاج العسل، و123 مليوناً و104 آلاف دولار خسائر الدواجن.
وعن الخسائر غير المباشرة التي طالت القطاع الزراعي، فقد حددها التقرير بـ 103 مليارات و801مليون و764 ألف دولار، منها 21 ملياراً و765 مليوناً و339 ألف دولار، خسائر الإنتاج الزراعي النباتي، و34 ملياراً و360 مليوناً و252 ألف دولار خسائر العاملين في الإنتاج الزراعي، وملياران و472 مليون دولار خسائر الجهات الزراعية الرسمية.
وفي سياق خسائر القطاع الصناعي، أوضح تقرير للغرفة الصناعية والتجارية بصنعاء، أن التحالف استهدف نحو 80 منشأة صناعية كبيرة خاصة، تعود لشركات ورجال أعمال، إذ تشير النتائج إلى أن المنشآت ذات النشاط الاقتصادي كالشركات تصدرت المرتبة الأولى في عدد المنشآت التي تعرضت للأضرار بنسبة 38 % وبلغت قيمة الأضرار فيها نحو 867 مليون دولار، بينما حلت المنشآت الخدمية في المرتبة الثانية، بأضرار بلغت 212 مليون دولار.
وأكد التقرير أن 12 مصنعاً ينتج مواد غذائية واستهلاكية، أي ما نسبته أكثر من 45 % من حجم القطاع الصناعي في اليمن، تعرضت للقصف الجوي المباشر من قبل طيران التحالف، وبأضرار تزيد عن 50 مليون دولار، إضافة إلى خسائر تقدر بنحو 150 مليون دولار طالت الأنشطة المرتبطة بمجالي الاستيراد والتصدير.
أما عن تفصيلات خسائر القطاع النفطي، فيشير تقرير لوزارة النفط والثروات المعدنية بصنعاء، إلى أن إجمالي خسائر اليمن من إيرادات النفط بلغت 5مليارات و620 ألفا و415 دولاراً، وأطلق عليها التقرير “سرقات التحالف من النفط اليمني، والتي جرى توريدها إلى البنك الأهلي في السعودية”.
وأضاف التقرير، أن التحالف حرم اليمن من 75في المائة من روافد ميزانية الدولة، والمتمثل بالنفط والغاز، حيث بلغت خسائر الشركة اليمنية للغاز 4 مليارات و400 ألف دولار، بينما 14 مليار دولار كلفة خسائر الغاز المسال.
وبحسب التقرير، بلغ حجم الخسائر التي لحقت بهيئة الاستكشاف النفطي، حوالي 19مليار دولار. وقدرت غرامات احتجاز سفن المشتقات بنحو 29 مليون دولار.
وتكبد القطاع السمكي في اليمن، 10 مليار دولار خلال الست السنوات الماضية من الحرب والحصار. وطبقا لبيانات رسمية فإن قطاع الأسماك تعرض لأضرار بالغة في مجالات الاصطياد الجائر غير المرخص، وتحت حماية البوارج البحرية للتحالف. وسجلت البيانات إجمالي الخسائر بسبب الاصطياد الجائر بنحو 3 مليار دولار، فيما بلغت الخسائر المترتبة عن توقف تنفيذ المشاريع السمكية في البحر الأحمر، وأيضا في البنية التحتية للقطاع السمكي 2 مليار و137 مليون دولار.
وأشارت البيانات إلى تضرر قطاع الأسماك في الرسوم والعائدات والصناعات والخدمات المصاحبة للنشاط السمكي، بواقع 141مليون دولار، بالإضافة إلى أن أكثر من 100 ألف موظف في القطاع السمكي، فقدوا أعمالهم ودخولهم، كما توقف نشاط 50 مصنعا ومعملا للإنتاج.
وتعرضت قطاعات إيرادية خدمية للاستهداف والتعطيل من قبل التحالف، من بينها قطاع الاتصالات والبريد والكهرباء والنقل والمياه والسياحة والقضاء والصحة.
وأفادت تقارير رسمية، بأن نحو 5 مليارات و452 مليوناً و572 دولارا، خسائر قطاع الاتصالات، و10 مليارات و600 مليون دولار، (قطاع الكهرباء)، و10 مليارات دولار (قطاع الصحة) و7 مليارات و654 مليون دولار (قطاع النقل)، و5 مليارات دولار (قطاع السياحة)، وثلاثة مليارات و300 مليون دولار (الطرق)، و640مليون دولار (قطاع المياه)، و100مليون دولار (قطاع القضاء).
ونتيجة للحرب والحظر الاقتصادي، تراجع الإنتاج في جميع القطاعات الحيوية، وانخفضت المؤشرات الاقتصادية الكلية والقطاعية، وافتقد الاقتصاد في اليمن، جزءاً كبيراً من التكوين الرأسمالي للقطاعين العام والخاص.
وارتفعت خسائر نمو الاقتصاد اليمني إلى 93 مليار دولار في نهاية العام الماضي 2020، بحسب تقرير حكومي صدر بالتعاون مع منظمة “اليونيسف”.
وقال التقرير: إن الخسائر نتجت عن زيادة كلفة الفرص الضائعة في الناتج المحلي الإجمالي، في اقتصاد يعاني من انكماش وتدهور متواصل، في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، وانهيار الأمن الغذائي، وتدهور مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية.
ولا يزال الاقتصاد في اليمن يواجه العديد من التحديات الهيكلية والمزمنة والمستجدة، بما فيها تحديات عدم الاستقرار السياسي والأمني وظروف الحرب والحصار التي تفاقمت على نحو غير مسبوق منذ جرى نقل وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى فرعه في محافظة عدن في سبتمبر 2016م.
بالإضافة إلى مخاطر استمرار اعتماد حكومة هادي في تمويل عجز الموازنة على سياسة الاقتراض المباشر من البنك المركزي اليمني بعدن، أو من الخارج، وما تشكله من خطر مستقبلي على موارد البلد الاقتصادية واستحقاقات الأجيال القادمة من الثروات، بالإضافة إلى خطر استنفاد الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي، وزيادة الضغوط على ميزان المدفوعات، وإضعاف العملة الوطنية، وارتفاع معدلات التضخم، وتدني مستويات المعيشة.
وتوقعت تقارير أممية ودولية أن تتضاعف خسائر اليمن، إلى 181 مليار دولار، إذا استمرت الحرب وممارسات الإغلاق الاقتصادي حتى عام 2022.
وتمثلت الخسائر الاقتصادية، في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والإيرادات العامة، والفرصة الضائعة التراكمية في إجمالي الاحتياطيات الخارجية، وكذلك تكلفة الفرصة الضائعة على موظفي الدولة والرعاية الاجتماعية، بسبب توقف الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة، وقبل ذلك توقف الرواتب عن 80 في المائة من الموظفين الحكوميين منذ نهاية 2016.
وقدرت دراسة اقتصادية الانكماش التراكمي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للاقتصاد اليمني بنسبة 50 في المائة عام 2020، عن حجمه في عام 2014.
وقالت الدراسة، إن نصيب الفرد تراجع من الناتج القومي الإجمالي من 1193 دولار عام 2014، إلى 364 دولار عام 2019. وبمعدل تغير تراكمي بلغ 69 في المائة، مما يعني انزلاق مزيد من المواطنين تحت خط الفقر، وتزايد حدة الأزمة الإنسانية.
وأفاد تقرير حكومي، بأن مؤشرات معدل التضخم ارتفعت بشكل غير مسبوق، من متوسط 10 في المائة عام 2014 أي قبل الحرب، إلى 25 في المائة عام 2020م، وهذا أكثر من الضعف بكثير. وبيّن أن متوسط دخل الفرد الحقيقي انخفض بحوالي 56 في المائة.
ومع دخول الحرب العام السابع، أصبح 28 مليون يمني يفتقر إلى الحصول بسهولة على مقومات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم. كما يحتاج حوالي 24 مليون شخص، أي 80 في المائة من مجموع السكان، إلى المساعدة أو الحماية، منهم 12 مليوناً بأمسّ الحاجة إلى تلك المساعدات.
العالم
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.