يعزّ على المرء مشهد الذلّ الدوليّ، وأن تُرمى السيادة المزعومة، ولو كانت قناعًا نعرف ما خفي خلفه، على أعتاب بني سعود، فتُمسح بها نتانة البلاط الذي شهد أقبح ما ارتكبه بنو البشر سعودًا بعد سعود.
قُضي الأمر، وبالطريقة النموذجية اللبنانية، تلك الطريقة التي مهما اختلفت مسمياتها ومشهدياتها، تحافظ دائمًا على هامش من الانبطاح والتزلّف والجبن عن الخروج عن طاعة “طويل العمر”، حتى يوم بلغ الأمر كيل “السحاسيح” على رقبة رئيس الحكومة.
قضي الأمر، ولا علاقة لشخص وزير الإعلام المستقيل بحيثيات المشهد، فقرداحي تعرّض لضغط هائل ولا فائدة من لومه أو من البحث عن أعذار له. قضي الأمر وما ازداد الأذلّاء إلا ذلًّا، فيما لم يتعرّض أهل الكرامة لخدش في كراماتهم المصانة، فهم في كلّ الأحوال أتقنوا عبر التاريخ نحت عزّتهم في الصخر فلا يطال شرفهم إعلام سعودي ولا انبطاح محليّ.
وبعد، لم يتغيّر شيء، عدا عن انخفاض ضئيل في سعر الدولار، وهبوط مروّع في أسهم سيادة الدولة، وسطوع الحقيقة المثيرة للشفقة وللاشمئزاز على حدّ سواء: أهل الذل يتباهون بذلّهم، يهلّلون لتمكنهم من تحقيق ما يطلبه السعوديون، وينتظرون بلهفة مفرطة أن يتقبّل بن سلمانهم هذا “الإنجاز”، فيما بحركة رخيصة يثمّنهم مذيع سعودي، ولا يخجلون.
الجميل في لبنان، دائمًا، هو وضوح معالم الوجوه كلّها؛ فالقبح ظاهر حدّ إحداث التلوث البصري، وبهاء طلّات الوجوه الشريفة لا يُخفى. وقد يبدو في ساعة ما أن القبيحين حقّقوا مرادًا لهم أو تبوأوا مناصب تخوّلهم النطق باسم جميع حاملي “التذكرة” اللبنانية، إلّا أنّه في كلّ الساعات، تشير عقارب الحقيقة إلى أنّهم وحدهم، وخطوط كثيرة تحت وحدهم، الأحرار صنعوا ما يُسمى مجد لبنان، وتواصلوا سيلًا هدّارًا وضع البلد على خارطة التأثير الإقليمي والدولي، بحيث كلّما لمحهم مرتزق سعودي شعر بقلّة شرفه أكثر. عشتم، وعشنا وشهدنا من يصنع السيادة، ومن يدعيها ممرغًا في وحل بني سعود.
التعليقات مغلقة.