لا جديد في البلد، الأصفر الناصع ما زال يثبت في كلّ مرحلة، ومهما اختلفت ميادين الحرب، أنّه القويّ المعنيّ بهموم الناس، و”الدولة”، بشخصيتها المعنوية وبمختلف مؤسّساتها المنخورة بالأمركة تثبت في كلّ مرحلة أنّها غير معنيّة بكلّ ما يجري على الأرض، وأنّ دورها ينحصر في تفعيل آليات الحصار الذي يطال كلّ الناس، ويرمي الغالبية العظمى تحت خط الفقر بمسافات تقاس بتعداد الحاجات الحيوية الملحّة التي أصبحوا عاجزين عن تأمينها.
ولا جديد في لبنان، إلّا الانتقال تدريجيًا من السيّئ إلى الأسوأ على صعيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وإلّا السطوع المتواصل لحقيقة أنّ لا يد تعمل على الأرض لترفع عن الناس ولو القليل من ثقل الأزمة إلا يد حزب الله.
بالأمس، حلّ خطاب السيد حسن نصر الله، كما دائمًا، بلسمًا على جراح الفقراء. فالخطاب الشامل منح مساحة واسعة للحديث في حال الناس، من الحاجة الملحّة إلى المازوت، ولا سيّما بغرض التدفئة مع دخول فصل البرد والشتاء، إلى أولوية توفير الدواء التي ينبغي أن لا تسبقها أي أولوية أخرى في ظلّ الأسعار المهولة التي جعلت حبّة الدواء ممنوعة على غالبية السكان في لبنان، ومن تجدّد انتشار وباء كورونا وتفعيل خطة مواجهته وعرض العون على وزارة الصحة بمعزل عن خلفية الوزير وانتمائه، إلى الانفلات في سعر صرف الدولار وضرورة تدخّل الدولة عبر خطوات جريئة وشجاعة لضبطه.
على صعيد آخر، أو لنقل في وادٍ آخر، وفي الوقت الذي يعلم فيه الجميع بما يجري في الدعاوى والملفات المتعلّقة بالعملاء وبالمرتكبين الذين شكّلوا أو يشكّلون خطرًا حقيقيًا ومباشرًا على الناس والبلد، حكمت المحكمة العسكرية غيابيًا على الصحافي في جريدة الأخبار رضوان مرتضى بالسجن لمدة سنة وشهر واحد بجرم تحقير المؤسسة العسكرية، علمًا أنّ الحكم صدر دون تبليغ مرتضى بموعد الجلسة، ودون الأخذ بالاعتبار أن محاكمة الصحافيين تجري في محكمة المطبوعات حصرًا.
وفيما تشيّد السفارة الأميركية قلعة لها تعزّز عبرها وجودها المتأصّل في نفوس باعت عقلها ووظّفت حقدها في خدمة الأميركي، يقف طابور من المنبطحين بانتظار أن تغدق عليهم دوروثي حفنة من الكمامات، ولائحة من التعليمات، والكثير من الإذلال المتعمّد الذي اعتادوه، في حين يحاضرون فينا بالسيادة تارة، وطورًا بضرورة أن نلتحقَ بطابورهم فنفوز بكمامة وذلًّ مستديم.
أخبار كثيرة، لا جديد فيها سوى سطوع الحدّ الفاصل بين الحقّ والباطل، أو لنقلها بلغة الشارع، بين أهل الكرامة وأهل الـ… لا بأس. يمكن لكلّ قارىء أن يضع مكان النقاط ما يراه مناسبًا!
التعليقات مغلقة.