مسكين سمير جعجع. أدرك سريعًا أنه راهن على حصان خاسر في خياراته الإقليمية، ولمس لمس اليد أن مَن راهنوا عليه من الخارج أدركوا أنهم راهنوا على حمار أعرج.
سريعًا سقط مشروع جعجع، عندما أيقن مشغّلوه في السعودية وغيرها من عواصم الدول الموظَّفة في المشروع الأميركي للبنان والمنطقة، أن ساكن معراب لا يصلح لتنفيذ ما فشل سعد الحريري في نقله من الورق إلى أرض الواقع. أدركوا أن بضع مئات من المسلحين الذين يدرّبهم جعجع ويعدّهم، غير فعّالين وغير مرئيين على رادار التغييرات الآخذة في التبلور في المنطقة ككل، وفهموا أن جلّ ما جنوه من الرهان على الحمار الأعرج، هو فقط صرف ملايين الدولارات سدًى، إضافة إلى ملايين المليارات التي صرفها السعوديون في لبنان على الحريري وفؤاد السنيورة وأنتجت صفرًا في المعادلات السياسية والاجتماعية وحتى الأمنية.
التوتر الظاهر على سمير جعجع وإعلامه، والسوقية التي تطغى على لغته وعقله وتفكيره، ليست وليدة الخلفية الميليشياوية والتاريخ الإجرامي فحسب، بل وإيضًا ناتجة عن الإرباك الذي يحكم خططه على بُعد أشهر قليلة من الانتخابات التي تريدها واشنطن والرياض تاريخية ومفصلية، لتبني على نتائجها خطوات تتعلق بمصير جعجع وأقرانه من مرتزقة السفارات في لبنان.
مسكين جعجع حين يعتقد أنه إنْ هاجم المقاومة وبيئتها وسيدها، سيغطي على صورته السوداء أصلًا، وزاد من سوادها ملايين الليترات من البنزين المُحتكر في مستودعات القوات تحت يافطة “صقر للمحروقات”.
مسكين جعجع حد الهبل، إن هو مَنّى نفسه بأن ينسى اللبنانيون أن أميركا رضخت، وطأطأت رأسها أمام خطوات حزب الله الجبارة في كسر حصارها الجائر على لبنان وسوريا وإيران. مسكين ساكن معراب، فهو أيضًا لم يستوعب حتى الآن أن رمية حزب الله الثلاثية أطاحت بقيصر وشيا وشينكر، ومعهم آمال طويلة عريضة لجماعة عوكر، فها هي سوريا تفتح ذراعيها لتحضن شرفاء لبنان، وها هي بانياس تتحضر لتزف إلى اللبنانيين بشرى نصر جديد، دفعوا في سبيله دماء غالية لأعز وأشرف الناس.
صغير جعجع، فهو يعتقد أن قفزه ولهاثه يعطّل مسار قافلة المجد والسيادة والكرامة الوطنية.
صغير جعجع. صغير جدًا بحجم رصاصة احترف تسديدها إلى صدور أبرياء عُزّل من الصفرا وإهدن إلى آل كرامي وشمعون وفرنجية، ومئات العسكريين من الضباط والجنود في الجيش اللبناني، وعشرات الآباء والقساوسة.
يعتقد جعجع أن أكبر مشروع يمكنه تنفيذه هو تفجير الكنائس، لكن عقله غير قادر حتى الآن أن يُدرك أن في لبنان قوة وطنية تخطّى شعاعها حدود الوطن، وصارت مؤثِّرًا وعاملًا أساسيًا في رسم مستقبل المنطقة وشعوبها. جعجع: إسأل شيا وابن سلمان ومَن خلفهما عن حزب الله.
التعليقات مغلقة.