عقيدة الجيش في مرمى الشروط الأميركية

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

يحلّ عيد الجيش السادس والسبعون، في الأول من آب، في ظلّ ظروف استثنائية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي يعيشها اللبنانيون ومعهم عناصر المؤسسة العسكرية أيضاً. ولا تقتصر التحديات التي يواجهها الجيش على تلك الناشئة عن هذه الظروف فحسب، إذ ثمة مَن يراهن، في ظل هذه الأزمة، على تغيير عقيدة الجيش، وتحويل بندقيته من العدو الصهيوني والتكفيري، إلى أعداء مفترضين في الداخل.

يقول المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر إن “ادارة بايدن تسعى إلى الاستقرار في لبنان إلا أنها وبشكل حكيم غير مستعدة لدفع ثمن ذلك دون قيد أو شرط”. ويضيف في شهادة أدلى بها أمام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي حول “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومكافحة الإرهاب العالمي”، إنه “كثيرًا ما يستشهد منتقدو دعم الجيش اللبناني والولايات المتحدة للمؤسسة بعلاقة الجيش اللبناني – وبالطبع النخبة السياسية – مع حزب الله للدفاع عن حجب هذه المساعدات. هذا التعاون إشكالي وتجب معالجته. يجب على واشنطن أن تُلزم الجيش اللبناني بمعايير عالية. للقيام بذلك، يجب على إدارة بايدن الانخراط في عملية زيادة التمويل الأميركي لاستبعاد كبار الضباط الموالين لحزب الله. كما يجب على إدارة بايدن أن تشترط مساعدة الجيش اللبناني بإنهاء ممارسته الفاحشة المتمثلة في استخدام المحاكم العسكرية لاستهداف منتقدي حزب الله في الداخل والخارج”.

يحظى الجيش اللبناني بتأييد شعبي كبير في لبنان، فهو عابر للطوائف، ومن المؤسسات القليلة في البلاد التي تمثل الشعب بكافة أطيافه ويحظى أداؤها بمصداقية لدى أطياف الشعب. وقد تكرّست هذه المصداقية بثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” التي أثمرت انتصارات عدة على العدو الصهيوني والتكفيري.

استبق شينكر شهادته أمام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، بمقال مشترك مع غرانت روملي، نُشر على موقع “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” في 9 حزيران الماضي، تحدّثا فيه عمّا سمّياه “المبادرات” التي يجب على الولايات المتحدة النظر فيها والتي يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في ضمان استقرار الجيش اللبناني. سريعاً، في 21 حزيران، تولى هشام ملحم، في مقال له على موقع قناة “الحرّة” الأميركية، شرحها بإسهاب، في تفسير لمقال شينكر وإشاراته وقراءة ما بين سطوره.

يقول ملحم إن التحديات الخطيرة التي يواجهها الجيش اللبناني، يجب أن تؤدي الى إعادة نظر جذرية في عقيدة هذا الجيش وهيكليته وتدريبه. وقد صوّب مباشرة على عقيدة الجيش اللبناني المعادية للاحتلال الإسرائيلي في أساسها.

تحدّث ملحم أكثر عن ملامح الجيش اللبناني الذي تريده واشنطن، قائلاً إن القوات اللبنانية المسلحة لا تحتاج الى سلاح طيران يشمل طائرات حربية ذات أجنحة ثابتة Fixed wings لأنه لا يستطيع التصدي لسلاح الجو الإسرائيلي وحتى السوري، بهذه الطائرات، وهي غير مفيدة في القتال ضد تحديات عسكرية داخلية. على الرغم من أن ملحم استشهد بمعارك نهر البارد وعرسال، إلا أنه حصر مهام الجيش في التحديات الداخلية، وأشار الى أن الدعم الأميركي المرتقب للجيش اللبناني هو دفاعي بحت يلبي احتياجاته لخوض معارك داخلية، واللبيب من الإشارة يفهم.

ورأى ملحم أن ما يحتاجه الجيش هو إعادة تنظيم وحداته لتخدم كحرس وطني يضم وحدات قتالية وقوات خاصة تتمتع بسرعة الحركة والمرونة وتستخدم المروحيات للأغراض اللوجستية وأعمال الإغاثة ونقل الجنود، إضافة الى مروحيات قتالية مزوّدة بالصواريخ لتوفير الغطاء الجوي للقوات البرية في أي عمليات داخلية أو حتى كرد عسكري أولي على عدوان خارجي.

واستكمالاً لشرح ملحم لمقال شينكر، يقول إنه يمكن للبنان الاستفادة من حقيقة أن أفضل القوات الخاصة العربية تملكها دول صغيرة بعدد سكانها مثل دولة الإمارات والأردن، وفقط لأن هذه القوات إما اكتسبت خبرات قتالية (القوات الإماراتية التي قاتلت إلى جانب القوات الأميركية في أكثر من نزاع من بينها أفغانستان) أو بسبب تدريبها الجيّد (الإمارات والأردن).

في الخلاصة، يريد الأميركيون للجيش اللبناني أن يكون صورة عن جيشَي الإمارات والأردن، بعقيدتيهما القتالية وتصنيف كل منهما للعدو والصديق. وبعيدًا عن الحصار الأميركي المفروض على لبنان، والذي يمنع بأحد وجوهه تسليح المؤسسة العسكرية من مصادر متحرّرة من الإرادة الأمركية، إلا أن الجيش اللبناني، كما قال قائده العماد جوزاف عون متوجهًا إلى العسكريين لمناسبة عيد الجيش، لن يسمح لأحد بأن يستغل رداءة الوضع المعيشي للتشكيك بإيمان أفراد وضباط الجيش بوطنهم ومؤسستهم، مشدّدًا على أنه “وسط هذه المهمات الاستثنائية، تبقى عين الجيش ساهرة على الحدود لمواجهة خطر العدو الإسرائيلي الذي رفع مؤخرًا وتيرة تهديداته للبنان وهدّد بشن حرب جديدة وضرب صيغة العيش المشترك، كذلك الإرهاب الذي يتحيّن الفرص لمحاولة الظهور مجددًا”.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد