انتظر بعض العرب طويلًا قبل أن يقصدوا عاصمة الممانعة العربية، دمشق، بحجة التضامن مع الشعب السوري في الكارثة التي ألمت به بسبب الزلزال الذي وقع في بعض مناطق سورية وأدى إلى سقوط عشرات آلاف الضحايا والجرحى.
بعض هؤلاء كانت دولهم من الدول المشاركة في الحرب على سورية طيلةأكثر من عشر سنوات ماضية، أرسلوا المسلحين الإرهابيين ودعموا بالمال آخرين وكانوا السبب في دمار سورية وفي مقتل وجرح وتشريد وتهجير مئات الآلاف من السوريين، واليوم يقصدون سورية وعلى وجوههم الحزن الكاذب أو بسمات الذئاب. وبالتأكيد لا حزنهم ولا بسماتهم ستمر على القيادة السورية أو ستغيّر من نظرة الشعب السوري إلى المشاركين في قتله وتشريده.
كل هذه الزيارات التضامنية البروتوكولية إلى سوريا، وكل أموال وأطنان المساعدات إلى السوريين، لن تكون كافية، ولن تكون فائدتها طويلة المدى، ما لم يعمل هؤلاء وحكوماتهم على مطالبة الإدارة الأميركية، صديقتهم، أو سيدتهم، بإلغاء قانون “قيصر”، إن تجرؤوا على الطلب من واشنطن، وكانوا رجالًا لمرة من المرات.
العرب في سورية اليوم أمام إمتحان التكفير عن ذنب دعمهم لمشروع التكفير الديني والسياسي في سورية، أمام إمتحان الوقفة الخالصة من أي مصلحة أو تنفيذ لتعليمات أميركية جديدة. سورية التي سلّفت العرب الكثير من المواقف المشرّفة، والتي وقفت سدًّا منيعًا في وجه المشروع الإسرائيلي – الأميركي في المنطقة نيابة عنهم مجتمعين، ودفعت الأثمان الباهظة بسبب احتضانها للمقاومة ومشروعها، وهو المشروع الذي جعل للعرب وزنًا وموقفًا في المنطقة والعالم.
على العرب أن يدركوا أنهم بوقوفهم مع سورية إنما يقفون مع أنفسهم في المقام الأول، وأن العودة إلى سورية الجريحة ولكن المنتصرة، هي عودة إلى الأصل مهما تعددت رهاناتهم على فروع ومشاريع ومؤامرات.
سورية اليوم، هي المحكّ والمدماك والصخرة التي عليها تكسّرت المشاريع، وصمدت. العودة إلى سورية، رغم ارتهان بعضهم إلى مشاريع التطبيع والتقسيم وتضييع القضية الفلسطينية، ملاذًا آمنًا يقي المراهنين شرّ رهاناتهم يوم تثبت خسارتها، وترفع أسمهمهم إن هُم سلّموا أن سورية ومشروعها ضمان لهم ولما تبقى عندهم من عروبة وأصل طالما تغنوا به في سردياتهم الإعلامية وتراثهم التاريخي.
التعليقات مغلقة.