أميركا على وشك الإفلاس وحرب المحيطات تطبق على أمنها القومي

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

بعد إحراج الاميركيين في البحار وتشديد الخناق عليهم في المضائق ومطاردتهم على اليابسة لإخراجهم منها مذلولين بدعم من قوى المشرق الصاعدة، تتجه كلٌّ من روسيا والصين لمقارعتهم في المحيطات.

وفي الوقت الذي تعاني فيه واشنطن من نقص حاد في السيولة النقدية بالمقارنة مع وفرتها لدى خصومها الآسيويين، تحاول ادارة بايدن اللجوء الى سباق تسلح جديد وحلف عسكري خارج القارة الاوروبية بالاعتماد على قوى عالمية جديدة ظنًّا منها انه الحل، فيما يعتبره الصينيون فخًّا نجحوا في إلقاء شباكه على ما تبقى من الامبراطورية المتخبطة.

ولمزيد من إلقاء الضوء على هذا العجز الذي تعاني منه واشنطن نلقي الضوء فيما يلي على ما ورد على لسان كبار القوم عندهم؛ فقد نشرت صحيفة الفايننشال تايمز الاميركية، موضوعاً بتاريخ ٩/٨/٢٠٢١، حول الوضع المالي الخطير لحكومة الولايات المتحدة الأميركية، اهم ما جاء فيه هو التالي:
1 – ان وزيرة المالية الاميركية، السيدة جانيت يِلين Janet Yellen، قد ارسلت رسائل عاجلة الى السيدة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الاميركي، والى عدد من النواب، ابلغتهم فيها ان السيولة النقدية في وزارة المالية الاميركية، ستنفد تماماً، في وقت ما في شهر ١٠/ ٢٠٢١ ، اذا لم ينجح الكونغرس في اقرار رفع سقف الدين الحكومي الاميركي (يبلغ حجم هذا الدين الآن ‪٢٨،٤‬ ترليون دولار).
2 – ان نفاد السيولة النقدية، دون التوصل الى حل قانوني (قرار الكونغرس) سيؤدي الى اضرار لا يمكن اصلاحها، سواءٌ في اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية او في الاسواق المالية الدولية بشكل عام.
3 – واضافت ان الانتظار حتى آخر لحظه، لإقرار قانون رفع سقف الدين او الحد من الدين، سيؤدي الى ارتفاع الفوائد على الديون الأميركية القصيرة الامد بشكل كبير، مما يؤثر سلبًا على تصنيف الولايات المتحدة الاميركية الائتماني.
4 – واختتمت وزيرة المالية الأميركية رسالتها بالقول: إن تعريض الثقة بالولايات المتحدة الاميركية ومصداقيتها للخطر، في الوقت الذي لا زال فيه المجتمع والاقتصاد الاميركيان يعانيان من تبعات جائحة كورونا العالمية، هو قمة اللامسوؤلية (او انعدام المسؤولية).

يعتبر هذا الكلام، الذي يصدر عن اعلى مسؤول مالي اميركي، غايةً في الخطورة ولا يبشر بخير لمستقبل الاقتصاد العالمي برمته، إذا ما واصلت الولايات المتحدة الأميركية سياساتها الحالية المعتمدة على الانتشار العسكري الواسع ونشر الحروب وإطلاق سباق تسلح جديد في العالم (عسكرة جنوب المحيط الهادئ عبر تسليح استراليا نووياً).

وللوقوف على حقيقة الوضع المالي والعسكري الاستراتيجي، الذي تمر به الولايات المتحدة الاميركية اكثر، لا بد لنا ان نقرأ بدقة متناهيه الكلام الهام الذي قاله قائد القيادة الشمالية الأميركية وقائد قيادة الدفاع الفضائي لأميركا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا)، ومقرها ولاية كولورادو الأميركية، الجنرال غلين د. ڤان هيرك Glen D. VanHerk، والذي نشرته مجلة سلاح الجو الاميركي Air Firce Magazine بتاريخ ٢١/٩/٢٠٢١، حيث قال: “ان روسيا هي العدو المباشر او الخطر الداهم على امن الولايات المتحدة القومي وليست الصين، وإن الانتشار العسكري الروسي في منطقة القطب الشمالي يجعل الخطر الروسي اكثر قرباً من اميركا، على الرغم من التدريبات العسكرية التي اجرتها الصين بالقرب من جزر هاواي الأميركية في المحيط الهادئ مؤخراً…”.
وهو كلام ايده فيه كلٌّ من قائد عمليات الفضاء، الجنرال ستيفين ن. وايتين Stephen N. Whiting، وقائد قوات الاساطيل البحرية الأميركية، الادميرال كريستوفر دبليو غارديان Chrestofer W. Grady، خلال المؤتمر الافتراضي الذي ناقش مواضيع استراتيجية الامن القومي الاميركي، حالياً ومستقبلاً، واللذين اكدا على ما ورد في كلام الجنرال ڤان هيرك القائل ان الولايات المتحدة تعتمد حاليًا على الردع النووي، بينما هي بحاجة الى ردع مستقبلي اقوى (يحتاج الى ميزانية مالية ضخمة ومستدامة)، في حال فشل الردع الحالي (وهو الردع النووي الفاشل برأيه)، مضيفًا القول: “اذا كان خيارك الوحيد في منع هجوم على الوطن (اميركا) هو ضربهم بالسلاح النووي فإنك لا تقف في المكان الافضل. لذا يجب علينا البحث عن قدرات وخيارات اخرى تمنعهم حتى من التفكير بمهاجمة اميركا”. وهذه دعوة صريحة، في تقديرنا، لسباق تسلح جديد، لقي التعبير الصاخب عنه في صفقة الغواصات العاملة بالطاقة النووية والتي تم الاتفاق عليها بين الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا واستراليا الاسبوع الماضي.

وبعد ان تطرق الجنرالات المشاركون في النقاش الى موضوع الأسلحة الصاروخية الروسية والصينية واخطارها على اميركا والسبل الافضل لمواجهة هذه الأسلحة، حماية للأمن القومي الاميركي، على حد قولهم، فإن الجنرال ڤان هيرك VanHerk، أكد على اهمية استثمار الموارد في المحيط المتجمد الشمالي (لمواجهة الوجود العسكري الروسي هناك)، متابعاً القول:
“انا محامي وزارة الدفاع عن المحيط المتجمد الشمالي. لكن السؤال هو: هل انت تقوم بالاستثمار اللازم، في هذه المنطقة الاستراتيجية، حتى تكون حاضراً (على تلك الجبهة) وقادراً على المنافسة؟”، وأردف قائلاً: “اما اذا لم تقم بالاستثمارات في القطب الشمالي لأنك تستثمر الموارد في مكان آخر، واستمررنا الى الامام هكذا، وهو الامر الذي يخاطر بفعله مشرِّعونا (اي اعضاء الكونغرس) فإنني سأحييكم بأدب I‘ll Salute smartly ” ما يعني ان الرجل سيستقيل…

اذًا فإن استقالة أهم جنرالات الولايات المتحدة الأميركية، قائد قيادة الدفاع الصاروخي عن اميركا الشمالية كاملةً، قد اصبحت مسألة وقت ليس أكثر وذلك في ظل التصريحات التي ادلت بها وزيرة الخزانة الأميركية، في رسالتها المشار اليها اعلاه، والتي تبشر لنفاد السيولة النقدية من وزارتها خلال الشهر القادم من هذا العام، بالإضافة الى استمرار الحكومة الاميركية في الانفاق العسكري الواسع النطاق على الف قاعدة عسكرية أميركية، على طول الكرة الارضية وعرضها، الامر الذي يستنزف موازنة البنتاغون السنوية الضخمة (٧٥٠ مليار دولار) الى جانب نفقات عسكرية جارية اخرى طبعاً.اي ان حكومة الولايات المتحدة الأميركية ليست قادرة، لا حالياً ولا في المستقبل القريب او المتوسط، على تخصيص موارد مالية لتطوير وجودها العسكري في منطقة القطب الشمالي، الذي تملك فيه روسيا بنيةً عسكرية متكاملةً، فوق وتحت سطح الطبقة الجليدية (وهو الذي يعتبره جنرالات البنتاغون الخطر الداهم). وما يعنيه هذا الوجود من ميزات استراتيجية هامة، ليس في المجال العسكري فقط وانما في مجال التعدين ايضاً وفي مجال النقل القاري، او طريق البحار الشمالية التي أنشأتها روسيا، لوصل المحيط الهادئ والاطلسي بعضهما ببعض، وهو الامر الذي يحدث لأول مرة في التاريخ البشري، (وذلك لعدم توفر كاسحات الجليد القادرة على تأمين خط بحري مفتوح عبر المناطق المتجمدة على امتداد العام) ما يجعل روسيا في قمة التفوق البحري امام اميركا.

هل نحن اذًا امام اقتراب اميركا من النزع الاخير من عمرها الامبراطوري، كما يردد الصينيون في اروقة وزارة الخارجية في بكين؟

يضيف هؤلاء الصينيون ايضاً ان ما لجأ اليه التحالف الانجلو ساكسوني من خيار في المحيط الهادئ اخيراً (اعلان تحالف اوكوس) انما هو فخ سرعان ما سيكتشفون انه سيرسلهم الى قعر جهنم على حد قول السفير الصيني Liu Zhentang
الذي عمل طويلًا في عواصم آسيوية حتى صار معتقًا في قراءة مشهديات الامبراطوريات الاستعمارية المتهافتة.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد