العالم يتغير بسرعة ولا فرصة كبيرة امام الطارئين للنجاة من عواقب مغامراتهم؛ ففي ظل تلاطم امواج البحار مع قواعد الاشتباك الجديدة التي يثبتها الميدان مع كل يوم يمر على محور المقاومة، تبدو حكومة تل ابيب بقيادة نفتالي بينت اكثر ضعفًا وتخبطًا من اي يوم مضى وتبحث عن اي قشة تنجيها من الغرق.
جنرالات تل ابيب يحذرونها من اي رد فعل على قصف سفينتها في شمال بحر عمان، لأن الغلبة ستكون حتمًا لايران، كما تزدحم صفحات اعلام العدو الصهيوني بتلك التقارير. وواشنطن تنأى بجنرالاتها عن المواجهة رغم التصريحات السياسية الرنانة، ما يضع واشنطن في حرج من التصعيد الى الحد الاقصى خوفًا من الانزلاق لحرب مفتوحة غير قادرة على سبر ابعادها.
من ناحية اخرى فلم يعد مهمًا التوقف طويلًا او الاستماع بالتفصيل الى الشيخ روحاني ووزرائه حول رأيهم بأميركا واوروبا والاتفاق النووي الآن -يمكن العودة اليها فيما بعد لاخذ العبرة والدروس- بعد ان رست ادارة شؤون البلاد عند قبطان السفينة الجديد الرئيس سيد ابراهيم رئيسي، الذي سينصب رسميًا يوم غد الثلاثاء من قبل قائد الثورة والمسيرة الاسلامية في ايران الامام السيد علي خامنئي في حسينية جماران الواقعة في نهاية شارع فلسطين في العاصمة الايرانية، والذي سيقدم فريقه الحكومي بعد ذلك بيومين اي الخميس امام مجلس الشورى الاسلامي لنيل الثقة بحضور رؤساء دول ووزراء وممثلين عن عشرات الدول التي قررت ارسال من يمثلها وليس بينها المملكة السعودية -كما قال خطيب زاده- كما كان قد روج البعض في اشارة واضحة الى الاستقطاب الواضح بين عالم ينهض ويشتد عوده وعالم يتقهقر ويأفل نجمه.
والادارة الايرانية الجديدة اذًا، وكما يقول المثل: “المكتوب مبين من عنوانه”: تدخل نادي الحكومات بهذا المشهد المتلاطم الذي يوحي للعدو بأنها ستضرب بيد من حديد على يد كل من تسول نفسه الاعتداء على الامن البحري او السيبراني او الميداني الايراني.
وسواء كانت ايران هي من ضربت السفينة الاسرائيلية في بحر عمان كما يصر الاسرائيليون على اتهامها، او اي طرف من اطراف محور المقاومة، فإن الرسالة باتت واضحة وهي أن قواعد الاشتباك مع العدو قد تغيرت، والذي فهم الرسالة جيداً هم جنرالات العدو الصهيوني الذين نصحوا ولا يزالون رئيس حكومة تل ابيب، بينت، بعدم الانجرار لهذه اللعبة الجديدة لأن اسياد البحر سيكونون الايرانيين بلا ريب، وأن تل ابيب ستخسر الرهان.
الاميركيون بدورهم ايضًا، ورغم كل الجعجعة السياسية والاعلامية الهوليودية ضد ايران، فإن جنرالاتهم سيتذكرون ايام ترامب الاكثر صلافة وتجبرًا منهم، ورغم ذلك كان الجنرال ميلي رئيس هيئة الاركان المشتركة الاميركية قد اصدر اوامره الواضحة بأن يعود الجند اليه للتشاور معه قبل اي تحرك يطلبه الرئيس منهم ضد ايران، ما يؤكد تخوف جنرالات واشنطن من اي مواجهة مع طهران.
هذه العلامات الاولية كما مجموعة من القرائن والاشارات الاخرى تعزز الانطباع بأن ادارة الرئيس الايراني الجديد ستكون في قلب المواجهة الاقليمية والدولية المشتعلة على اكثر من ميدان، وهي صاحبة اليد العليا، ما يعني انها دولة ممانعة كحد ادنى ان لم تكن دولة مواجهة -هذا لا يعني بالضرورة انها دولة حرب- لكن بالتأكيد لن تكون من بين اولوياتها:
- العودة لمفاوضات فيينا بأي ثمن كان.
- ولا المراهنة على عودة واشنطن للاتفاق النووي.
- ولا انتظار نتائج حوارات طهران – الرياض الامنية التي بدأت في بغداد وتستمر الآن في مسقط.
بالمقابل فإن حكومة رئيسي ورغم ما ذكر اعلاه فإنها ستعمل على اسس وقواعد جديدة في التعامل الداخلي والخارجي اهمها:
- اولًا المراهنة على الداخل، ولأن القضايا المعيشية هي اولوية الاولويات عند الناس فإنها ستقوم بتفعيل مبدأ الاقتصاد المقاوم وزيادة الانتاج الوطني.
- وأما ثانيًا فإن التعامل مع الخارج سيكون على قاعدة اقصى التعاون والتضامن مع الاخوة والاصدقاء من بغداد الى دمشق الى بيروت فغزة فصنعاء، وصولاً الى كاراكاس وموسكو وبكين وكل من يقف بوجه الاحادية الهيمنية الاميركية.
- وثالثًا التعامل بكل حزم وشدة وعنفوان مع اعداء الامة ابتداء بالقاعدة الاميركية المتقدمة التي تسمى “اسرائيل” مرورًا بكل معتد اقليمي شرير وصولًا الى رأس محور الشر المتمثل بادارة بايدن المحتالة والمخادعة وغير القابلة للثقة او الاطمئنان .
- ورابعًا التعامل مع سائر دول العالم وقواه الحية بناءً على سلوكهم وسياساتهم المعلنة على قاعدة: سلم لمن سالمنا وحرب لمن حاربنا، والسلام على من اتبع الهدى.
العالم بعيون ايران الجديدة سيكون مركز ثقله الشرق وليس الغرب. ومثلث الشام والعراق واليمن هو عمود خيمة هذا الشرق العتيد، ودرة تاجه فلسطين، وايران سيفه البتار وجيشه الجرار بكل امكانات دولة ولاية الفقيه.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.