هي امرأة فلسطينية تعين الأسرى وتلبي احتياجاتهم. قضت جلّ سنوات عمرها وهي تتنقل بين سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني لزيارة أبنائها الأسرى من مختلف الجنسيات العربية ومن بينهم عميد الأسرى اللبنانيين الشهيد القائد سمير القنطار الذي يستعيد موقع “العهد” الإخباري في ذكراه السنويّة السابعة بعضًا من جوانب حياته في مقابلة مع المجاهدة الفلسطينية أم جبر وشاح والدة الشهيد سمير كما تحب أن تكنّى.
*أم جبر وسمير ولقاء الأمومة!
في حديثها عن تلك الحقبة تروي أم جبر أنه: “في واحدة من زياراتها لسجن نفحة سنة 1985 حيث كان ابنها الأسير المحرر جبر وشاح معتقلا، تعرفت على سمير القنطار الذي كان مر على اعتقاله ستة أعوام لم يتمكن خلالها من لقاء أي من أفراد عائلته”.
بعد ذلك اللقاء تقول الحاجة الفلسطينية إن سمير أصبح طفلها المدلل وواظبت آنذاك على زيارته، واستمرت على هذه الحال حتى عقب خروج ابنها جبر من السجن في التاسع من أيلول/ سبتمبر1999، الأمر الذي أغاظ الاحتلال، فحاول منعها من ذلك، لكنها لم تسلّم أمرها للاحتلال، بل رفعت دعوى قضائية، وأوكلت أمرها للمحامين الذين انتزعوا لها سنة 2000 تصريحًا بزيارة سمير فكان اللقاء من جديد.
سمير القنطار بلسان جبر وأمّه: نموذج في النضال
الإرادة الصلبة للشهيد القنطار كانت محل اعجاب الأم، وكذلك عزيمته القوية وقناعاته الراسخة التي لم تتبدل ولم تغيرها الزنازين وغياهب السجون والمعتقلات التي كان ختامها الشهادة.
- تحيّة إلى مجاهدي المقاومة والسيد نصر الله
بكلمات متواضعة بسيطة نقلت الحاجة أم جبر في ختام حديثها مع موقعنا تحاياها وسلاماتها إلى المجاهدين في لبنان وخاصة إلى الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله متمنية أن تصل إليه هذه السلامات من مناضلة فلسطينية صابرة.
كما حيّت أم الأسرى عبر “العهد” عائلة الشهيد القنطار ونجله علي وأبناءها من الأسرى اللبنانيين المحررين الذين تولّت الاهتمام بهم طوال فترة اعتقالهم في سجون العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة”.
*جبر ومسيرة خمسة عشر عامًا مع عميد الأسرى
من جهته، رفيق الأسر جبر وشاح بيّن في مقابلته مع “العهد” أن “الشهيد سمير القنطار عرف بعمق تفكيره وثبات طريقه، تنقّل خلال فترة اعتقاله التي قاربت الثلاثين عامًا بين أكثر من مُعتقل صهيوني قضينا منها خمسة عشر عامًا سويًا في النضال داخل سجون العدو، كانت كفيلة بأن أدرك أن الشهيد سمير هو نموذجٌ نادرٌ للمقاوم العربي الحر لأنه كان مناضلًا صلبًا عنيدًا، وإنسانًا مُتفائلًا محبًا للحياة في ذات الوقت”.
وأضاف “رغم كل الظروف التي مر بها، إلا أنه كان مداومًا على زرع الأمل في نفوس زملائه المعتقلين. كان على يقينٍ تام بأنه سيُعانق الحرية يومًا ما، وكان يردد دومًا في وجه العدو: “سأخرج “بالقوة وليس بإذن منكم””.
وأردف وشاح القول: “تحدى الشهيد سمير القنطار السجان وأصرّ على إكمال دراسته في المعتقل، وهو حق انتزعه من السجان الإسرائيلي انتزاعًا، فحصل على بكالوريوس في الأدبيات والعلوم الاجتماعية من الجامعة المفتوحة في “تل أبيب” وهو داخل السجن، وكان ينوي استكمال دراسته العليا، إلا أن الاحتلال حال دون ذلك”.
وعن مواقفه التي لا تنسى يستذكر “أبو كفاح” موقفًا بعد قرار الإفراج عنه ضمن صفقة عام 1999 ويقول: “أصررت حينها أن أودّعه من شبك الزنزانة، لم أستطِع الحديث رغم أنّني على بعد خطوة من الحرية، فصديقي ورفيقي لا يزال في الأسر، كان هو الذي شدّ على يديّ ورفع من معنوياتي، مؤكّدًا لي أنّه سيتحرّر يومًا ويهزم السجّان”.
واستطرد وشاح بنبرة فيها الحنين إلى تلك اللحظة والعبرة المخنوقة: “لا تزال صورة وجهه من خلف الزنزانة مرسومة في مخيلتي”.
وتطرق رفيق الشهيد القنطار الى واحدة من مراحل الأسر بالقول: “لقد أمضيت 3 سنوات ونصفًا في زنزانة واحدة مع القنطار، في سجن بئر السبع الإسرائيلي، حينها أدركت البعد الإنساني العميق في شخصية هذا البطل، إلى جانب الصلابة والاستعداد للتضحية، في أي لحظة مواجهة مع الاحتلال، كان في مقدّمة الأسرى أوقات الإضرابات والمواجهات مع السجان الصهيوني”.
وشدد جبر وشاح في ختام حديثه مع موقع “العهد” الاخباري على أن: “العدو الصهيوني اغتال الشهيد سمير القنطار، لكنّه لم ولن يغتال الفكرة التي زرعها، والنموذج التضحوي الذي سطّره في تاريخ النضال باسم الحرية والحق، سمير هو نموذج لكل شرفاء العالم في النضال ضد الظلم، واليوم هناك الآلاف على طريق سمير”.
مصطفى عواضة – موقع العهد