بالأرقام.. المرأة في إيران “عزيزة” الجمهورية الإسلامية

قبل نحو 13 عامًا، قُتلت سيدة إيرانية تدعى ندا آغا سلطان بالرصاص في إحدى التظاهرات في إيران. آنذاك، سارع شخص قيل إنه “زوجها” الى تصويرها في مقطع “فيديو” وهي تحتضر لاستغلال القضية وتوجيه أصابع الاتهام الى الجمهورية الإسلامية. بعد فترة سافر هذا الشخص الى “إسرائيل” ليتبيّن أنّ الأمر مدبّر ومخطّط له في سياق تشويه صورة الجمهورية واتهامها بالقتل وقمع التعبير. كما ظهر لاحقًا أن يد المخابرات المركزية الأميركية (CIA) لم تكن بعيدة عن هذه الجريمة بدليل أنّ الرصاصة القاتلة لم تكن إيرانية الصنع، وبدليل وجود كاميرات تلتقط الحدث بكامله رغم أنّه لم يكن هناك تجمهر كبير في المكان ورغم أنّ ندا نفسها لم تكن مشاركة في التظاهرات أصلًا، وفق ما أكّد كثيرون.

السعي لتشويه صورة النظام الإيراني وتكوين رأي عام معاد له دفعت دولًا كثيرة لاستغلال هذه الحادثة واللقطات المصوّرة للضحية التي انتشرت على “يوتيوب” ليشاهدها الملايين. أكثر من ذلك، جرى إنتاج فيلم وثائقي “من أجل ندا” للمخرج أنتوني توماس في عام 2010 يَعتبر ندا رمزًا ودليلًا على “قمع السلطة في إيران” كما يعبّر الفيلم.

قصّة ندا عام 2009 سُرعان ما تعود الى الذاكرة اليوم مع استغلال قصّة مقتل مهسا أميني في أيلول/ سبتمبر الماضي. السيناريو نفسه تكرّر ومن بوابة المرأة. شُنّت حملات كثيرة على الجمهورية الإسلامية التي وُصفت بأقبح العبارات ظلمًا وعدوانًا. أميني بيّن الطب الشرعي الإيراني أن سبب وفاتها ناجم عن جلطة دماغية تسببت بعدم وصول الأوكسيجين إلى خلايا المخ وهي بالأصل مصابة بقصور في الشرايين جراء عملية جراحية في الدماغ ــ تعرّضت لها في الصغرــ ، ولم تتوف ــ كما زُعم ــ نتيجة إصابةٍ تلقتها على الرأس أو على أي عضو آخر من أعضائها.

وعليه، ثمّة تشابه بين قصّة ندا ومهسا وإن اختلفت الأزمنة. ثمّة من يتحيّن الفرص ويُقولب الأحداث في سياق استراتيجية كبيرة رُسمت لشن الحملات على إيران من بوابة المرأة. وهنا ثمّة سؤال يطرح نفسه: لماذا المرأة؟!. الإجابة بكل بساطة لأنّ من يطّلع على بيئة المجتمع الإيراني يجد الحيّز والمكانة الكبيرة التي تُعطى للمرأة. الشعب الإيراني “حسّاس” جدًا تجاه المرأة التي تُعتبر خطًا أحمر بالنسبة له. تبدو المرأة في كل عائلة إيرانية عنصرًا مهمًّا وعزيزًا جدًا. وعليه، يجري التسلل الى الوضع الداخلي في إيران من بوابة المرأة وتُبذل محاولات كثيرة لدق ناقوس الخطر والتأثير على الشعب الإيراني من هذه النقطة.

ولا يخفى أنّه لو لم تحصل قصّة مهسا وقبلها ندا لكان الخارج المتآمر ومن معه في الداخل من “المنافقين” الذين يتقاضون الأموال لتخريب الوضع الداخلي، لكانوا أوجدوا الكثير من السيناريوهات البديلة لإشعال فتيل الاحتجاجات التي دخل بموجبها الكثير من الأسلحة الى الداخل الإيراني ما أدى الى وقوع شهداء أبرياء في شيراز وإيذه بخوزستان حيث سقط أبرياء بينهم نساء وأطفال. والمفارقة، أنّ الأبواق التي أدانت موت مهسا وقبلها ندا لم تتفوّه بكلمة إدانة واحدة ضد قتلة هؤلاء الشهداء.

أمام هذا الواقع، ثمّة من يسأل: لماذا تعود اليوم الحملات الإعلامية ضد إيران؟. الإجابة تبدو واضحة على لسان آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي الذي يشدّد على أنّ إيران حقّقت إنجازات كبيرة جدًا، وهي تنتقل اليوم من مرحلة الى مرحلة أكبر. وعليه، فإنّ إيران تبدو اليوم ورغم العقوبات في ذروة التطور في كافة المجالات. الجمهورية الإسلامية “ترعبهم” لأنها قدّمت نموذج حياة جديدًا في العالم.

الغرب لديه مخاوف من هذا النموذج الإسلامي بأن ينتشر ويعمّم بسبب النجاحات التي حقّقها. دول عدة تعتبر أن فكر الثورة الإسلامية “جريمة” ويشكل خطرًا على مصالحها بدليل الحصار والعقوبات المستمرة منذ 43 عامًا. على رأس تلك الدول أميركا والسعودية ومعهما الكيان الصهيوني الذي تيقّن أن إيران يستحيل أن تتخلى عن فلسطين وهذا ما يجعل المبغضين يسعون بكل ما أوتوا من قوة لمحاربتها.

ولا يخفى أن الغرب والسعودية ساعدا أكثر من 20 دولة لامتلاك أراضي إيران. ولا تزال قضيّة المحافظات الخمس -التي حاول نظام صدام حسين السيطرة عليها- حاضرة لكن الإيرانيين تمكنوا من استرجاعها. الدعم الغربي آنذاك لنظام حسين في حرب الخليج الأولى خير دليل على التكتل المعادي للجمهورية الإسلامية. فرنسا حينذاك زوّدت العراق بطائرات مقاتلة “ميراج”. ألمانيا زوّدت النظام البائد بعبوات كيميائية والبريطانيون قدّموا مساعدات مالية. كل ذلك لنصرة صدام حسين في وجه إيران. ولغاية اليوم تدّعي هذه الدول الديمقراطية وهي تمارس الانتهاكات لتخريب الواقع الإيراني، وتحت حجج واهية لا تمت للحقيقة بصلة كالديكتاتورية وغيرها، مع العلم أنّه لا تمر سنة في إيران دون انتخابات.

ولا شك أنّ إيران اعتادت على الأعمال الإرهابية والعدائية ضدها. في أول سنوات ما بعد الثورة حدث الكثير من الأحداث الإرهابية استشهد خلالها 15 ألف تقريبًا من النساء والرجال والأطفال ولم تصدر حينها كلمة إدانة واحدة من الدول التي تدعي الديقمراطية ولا من منظمة الامم المتحدة ولا الغرب. بل على العكس، قدّمت هذه الدول الجوائز للإرهابيين واحتضنتهم، فألبانيا اليوم مثلًا تعد مركزًا رئيسيًا لمنافقي “خلق” وكذلك فرنسا وألمانيا.

أمام ما يحدث اليوم والسيناريو الذي يتكرّر لا تبدو الجمهورية الإسلامية متفاجئة. ثمّة يقين بأن الهجمة عليها ستزداد ومحاولات تشويه الصورة ستشتد. تمامًا كما ثمّة يقين بأنّ كل المحاولات ستبوء بالفشل. ومحاولات التسلل من بوابة المرأة واتهام النظام الإيراني بقمعها ليست الا تُرهات من بنات أفكار ملفقيها، تُرهات تُسقطها في مهدها الأرقام التي تُدلّل على حضور المرأة الكثيف والفاعل في كافة المجالات الإيرانية. تلك الأرقام التي تُبيّن بوضوح أنّ المرأة “عزيزة” الجمهورية الإسلامية بعيدًا عن كل الأخبار والمعلومات الملفّقة لتزييف الوعي وكيّه بما يتناسب مع الاستراتيجية الغربية ـ العربية ـ الإسرائيلية لمحاصرة إيران.

جولة سريعة على تلك الأرقام تبيّن الآتي:

دعم المرأة في المجال التشريعي والأنظمة:

  • المبادئ 20،21، 28 من الدستور، المواد 38، 75 إلى 78 من قانون العمل، المادة 67 من قانون الضمان الاجتماعي، المادتان 83 و90 من ميثاق حقوق المواطن وقانون تنظيم ودعم الوظائف المنزلية هي من بين أهم القوانين التي تحمي حقوق المرأة في مكان العمل.
  • إقرار مواد محدّدة في الدستور لحماية حقوق المرأة ومنع ممارسة التمييز ضدها، بما في ذلك الفقرة 14 من المادة الثالثة من الدستور التي تؤكد على تأمين الحقوق الشاملة لجميع الأفراد (للرجل والمرأة)، وايجاد الأمن القضائي العادل للجميع، وتحقيق المساواة العامة أمام القانون إضافة الى المادتين 20 و 21 اللتين تؤكدان المساواة بين الجميع أمام القانون وواجب الحكومة في ضمان حقوق المرأة في جميع الجوانب.

-إقرار قانون تخفيض ساعات عمل المرأة العاملة التي لديها ظروف خاصة، بما في ذلك النساء ذوات الإعاقة أو اللاتي لديهن طفل أو زوج مريض ومعوق، وكذلك النساء اللاتي لديهن أطفال دون سن 6 سنوات، كما يأتي في هذا السياق أن ربات الأسرة يمكنهن العمل ستًّا وثلاثين ساعة في الأسبوع لكنهن يتلقين راتبًا كاملاً على أساس أربع وأربعين ساعة في الأسبوع.

  • موافقة مجلس الوزراء الحكومي عام 2021 على الزيادة اللاحقة في إجازة الأمومة للنساء العاملات في القطاعين العام وغير الحكومي من 6 أشهر إلى 9 أشهر مع دفع الرواتب والمزايا، ولمساعدة الآباء على المشاركة بنشاط أكبر في رعاية الأطفال، حيث يحصل الآباء أيضًا على 14 يومًا من الإجازة عند ولادة طفلهم.
  • إعداد مشروع قانون يجرّم جميع أشكال العنف ضد المرأة في جميع المجالات الأسرية والاجتماعية، تحت عنوان “الحفاظ على كرامة المرأة وحمايتها من العنف”، وهو قيد نظر مجلس النواب حاليًا.
  • إقرار حزمة الدعم للمساعدة في تأمين سكن للنساء المعيلات اللواتي تحتجن المساعدة المالية (معتمدة من مجلس الحكومة عام 2021).

دعم المرأة في مجال الإدارة وصنع القرار:

  • ارتفعت نسبة تعيين المديرات في المحافظات بنسبة 89.8٪ في السنوات الثلاث الماضية.
  • تولي منصب نائبة رئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة.
  • حصلت المرأة على 111 مقعدًا في مجلس الشورى الإسلامي في 11 دورة.
  • ضم مجلس الشورى الاسلامي 6 نائبات في الدورة الحادية عشرة للمجلس (1398-1402).
  • 50٪ من المناصب الإدارية في وزارة الصحة تشغلها نساء.
  • ارتفعت نسبة النساء العاملات في الحكومة من 34.64٪ عام 2009 إلى 41.67٪ عام 2018، مما يشير إلى الاتجاه التصاعدي لوجود المرأة في الوظائف الحكومية.
    -إقرار المادة 101 من خطة التنمية الخمسية السادسة بخصوص مهام الأجهزة التنفيذية بشأن مشاركة المرأة في صنع القرار والإدارة كأحد مؤشرات العدالة بين الجنسين.
  • تم إنشاء 14 حزبًا خاصًا من قبل النساء حتى الآن وحصلن على تراخيص النشاط. يبلغ عدد النساء الأعضاء في الأحزاب والجماعات السياسية أكثر من 15000 عضو.
    -هناك 1121 قاضية تعمل في الجهاز القضائي. ارتفعت نسبة تولّي مناصب القضاء من قبل نساء قاضيات بمعدل 3٪ سنويًا من 2011 إلى 2017، كما ارتفع عدد القاضيات من 33 قاضية قبل الثورة إلى 1121 في السنوات الأخيرة.
    -يوجد حاليًا 4 سفيرات، 3 قائمات مقام، 62 نائبة للقائمقام، 15 نائبة محافظ، 2393 مختارة، و1116 قاضية. في المجال التنفيذي: تمكين المرأة
  • أكثر من 4000 سيدة أعمال ناشطات في الدولة و20٪ من مراكز ريادة الأعمال.
  • استحداث 2403 فرص عمل من قبل سيدات الأعمال.
  • إنشاء 250 شركة مختصة بالتطور العلمي من قبل النساء.
  • إنشاء مراكز دائمة لتأمين وبيع المنتجات التي تنتجها المرأة.
    -إنشاء مركز نمو وتسريع الأعمال النسائية، وتنمية ريادة الأعمال النسائية. وتشغيلها، ودعم خلق فرص العمل في مجال التعاونيات الريفية النسائية.
  • تنتج النساء حالياً 40٪ من المنتجات الزراعية و80٪ من السجاد المنسوج يدوياً و75٪ من الحرف اليدوية.

دعم المرأة في مجال الرياضة:


-افتتاح إذاعة الرياضة النسائية كتطور جديد في مجال الرياضة النسائية والإعلام الوطني.
-زيادة عدد الاتحادات الرياضية النسائية من اتحاد واحد عام 1979 الى 49 اتحادا عام 2018.
-وجود 273 اختصاصًا رياضيًا فعالًا للسيدات على مستوى البلد.
-وجود 164 تخصصًا مع رخصة المشاركة في الفعاليات الدولية للسيدات.

  • تطور حضور الحكمات الوطنيات والدوليات في مختلف المجالات الرياضية بنسبة 25٪ مقارنة بالأربعين سنة الماضية.
    -الحصول على عشرات الميداليات في المسابقات الدولية الذهبية والفضية والبرونزية
  • حصول اللاعبات على 3302 ميدالية في الفعاليات العالمية الأخيرة

دعم المرأة في مجال الثقافة والتعليم:

  • 40٪ من المديرين المسؤولين عن المطبوعات هم من فئة النساء، وهناك ما لا يقل عن 25 مطبوعة خاصة بالنساء و1051 ناشرة.
    -زيادة نسبة وصول المرأة إلى التعليم في 784 مجالاً تقنيًا وهندسيًا.
  • يبلغ عدد الحاصلات على جوائز في مهرجانات فنية دولية 128 سيدة.
    -الفوز بـ 114 جائزة وطنية و128 جائزة دولية من مهرجانات مهمة لصانعات الأفلام.
    -تشكل النساء 56٪ من طلاب الجامعات الحكومية.
  • تشكل النساء 34٪ من أعضاء هيئة التدريس في جامعات العلوم الطبية بالبلاد
    -مشاركة صانعات أفلام وممثلات في 45 مهرجانًا دوليًا بعنوان رئيسات لجنة التحكيم
    -محو الأمية بين النساء والفتيات بنسبة 99.30٪.

دعم المرأة في مجال البيئة:

  • تولي رئاسة “هيئة البيئة” في أربع فترات من قبل سيدات.
  • تخصيص ربع مناصب الإدارة الكلية البيئية للبلاد للنساء.
  • تشكل النساء 40٪ من نواب منظمة هيئة البيئة.

دعم المرأة في مجال الصحة والعلاج:

  • زيادة عدد الطبيبات المتخصصات من 597 سيدة إلى 30 ألف سيدة بحلول عام 2016.
  • تشكل النساء 40٪ من الأطباء المتخصصين و30٪ من الأطباء غير المتخصصين.
  • زيادة عدد الطبيبات في “الطب العام” من 3500 طبيبة سنة 1977 إلى 60000 طبيبة سنة 2016.
  • زيادة تغطية الولادة الآمنة إلى أكثر من 98٪ بحلول عام 2016.
  • زيادة العمر المتوقع للمرأة من 56.2 سنة عام 1976 إلى 79.4 سنة عام 2018.

ما سبق من أرقام يكذّب بالدليل القاطع كل روايات التلفيق التي تُحاك ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي أرقام لا شك أنها “تدهش” الصديق قبل العدو لناحية المكانة التي تعطيها إيران للمرأة والتي تستحق أن يقال في رحابها “المرأة عزيزة الجمهورية الإسلامية”.

فاطمة سلامة – موقع العهد

اساسيايران