على عداد أيّام انقطاع الكهرباء عن المناطق تباعًا، يحصي اللبنانيون همومهم المتزايدة ساعة بعد ساعة. بلغ بمعظمهم التعب حدّ التوقّف عن انتظار دخول الكهرباء إلى بيوتهم، والكفّ عن توقّع الحلول سواء تلك المرتبطة بالوعد العوكري الكاذب أو المتعلقة بالتأمّل خيرًا بلبنان الرسمي وتجاوبه مع العرض الإيراني رغم التقدّم الحاصل في هذا المجال.
جرى حديث في الآونة الأخيرة عن موافقة أميركية على استجرار الكهرباء من الأردن بحسب الاتفاق الثلاثي لإمداد لبنان بالكهرباء، إلّا أنّ تصريح وزير الخارجية الأردني أسقط هذه الأكاذيب الخادمة لسلطة عوكر إذ أكّد أنّ العقوبات الأميركية تحول دون تنفيذ الاتفاق ويحتاج الأردن إلى ضمانات أميركية بعدم التعرّض للعقوبات المنصوص عليها في “قانون قيصر” بحال التنفيذ.
يكذب القائلون بإمكانية أن يقوم الأميركي بتخفيف مفاعيل الحصار لأسباب عديدة، تبدأ من جهلهم بأبسط قواعد الحرب التي يشنّها الأميركي على لبنان، وهي أنّ المحاصِر سينتقل حكمًا إلى تشديد الحصار ما لم يتمكّن من إخضاع المحاصرين، وهو إن وعد بالتعاون لمصلحة اللبنانيين فهو يكذب جهارًا في سبيل الحفاظ على الفئة التي تبشّر بطوباويّته وبإنسانيّته العالية لا سيّما بوجود العروض الإيرانية السّاعية بكل جديّة إلى المساهمة الفعلية في حلّ الأزمة، والتي يقوم بعرقلتها عبر تحكّمه بالقرار السياسي الذي يتوقّف عليه قبول العروض أو رفضها.
أمّا على خطّ العرض الإيراني، والتقدّم الحاصل فيه، فقد وصل وفد تقنيّ من وزارة الطاقة اللبنانية إلى طهران للبحث مع الجهات الرسمية المعنية في ما يحتاجه لبنان لإعادة انتاج الكهرباء في معامله. هذه الخطوة التي تعدّ “دعسة” بطيئة نحو الحلّ رافقتها شائعات كثيرة انتقلت من مرحلة “ما في عرض ايراني” إلى “الفيول الإيراني غير مطابق للمواصفات”. وفيما يمكن للمرء أن يتأمّل خيرًا بإنجاز يعيد الكهرباء إلى يوميات الناس، يبقى احتمال التدخل الأميركي المباشر في منع تحقيق عودة الكهرباء واردًا في كلّ لحظة. عليه، الانتظار سيّد الموقف، بعد أن أصبحت الكهرباء رهينة “الزومبي” الأميركي.