يقف العالم بأجمعه اليوم وقفة حزن وعزاء أمام الكارثة الإنسانية التي حلت بكل من دولتي المغرب العربي وليبيا. وأمام تداعيات هذه الكوارث الطبيعية التي قضى على إثرها مئات الضحايا ودمر الكثير من المساكن والبنى التحتية، يجد المجتمع الدولي عمومًا والعربي على وجه التحديد نفسه أمام مسؤوليات إنسانية تتخطى كل الحدود الجغرافية والعرقية وحتى السياسية، إذ لا يليق أمام هذا المشهد المأساوي سوى التضامن والتكاتف وتقديم كل أشكال الدعم والمساندة.
الجمعة في التاسع من أيلول 2023، ضرب زلزال بشدة 6.8 درجات على بعد حوالي 70 كيلومترًا جنوب غربي مراكش في الساعة الحادية عشرة و11 دقيقة مساءً بالتوقيت المحلي، وشعرت به مناطق واسعة بالشمال والشمال الشرقي للمغرب، وامتد الشعور به إلى مناطق في الجزائر وإسبانيا والبرتغال.
ووفقًا للإحصاءات الصادرة عن وزارة الداخلية المغربية، فقد وصل عدد ضحايا الزلزال لغاية ليلة الأمس إلى 2681 ضحية، وتمكنت السلطات من دفن 2530 شخصًا منهم وبلغ عدد الجرحى 25621 جريحًا، بينما يخوض المغاربة سباقًا مع الزمن لإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض، وتكافح خدمات الطوارئ من أجل الوصول إلى المناطق النائية، وقد أعلنت الحكومة المغربية أنها تركز جهودها في هذه المرحلة على إغاثة المتضررين تمهيدًا للانتقال إلى مرحلة إعادة التعمير.
وبالانتقال إلى الكارثة الأخرى التي حلت بليبيا، فقد اجتاح الإعصار “دانيال” مساء الأحد في 10 أيلول البحر المتوسط مما تسبب في غرق وتدمير طرقات ومبانٍ في العديد من المدن الليبية الواقعة على امتداد الساحل أبرزها بنغازي والبيضاء والمرج بالإضافة إلى سوسة ودرنة، مما أدى وفقًا لمصادر طبية ليبية إلى مصرع 2800 شخص، وتجري عملية إنقاذ نحو 7 آلاف عائلة عالقة في المناطق المنكوبة إضافة إلى عدد كبير من المفقودين.
وفي هذا السياق، أبدى العديد من الدول وضمنًا العربية منها استعدادها لإرسال المساعدات والدعم اللازم للدول المتضررة والوقوف إلى جانبها لمواجهة تداعيات هذه الكوارث الإنسانية، إلا أن الحكومة المغربية كانت “انتقائية “في اختيار الجهات الداعمة والمساندة لها.
أمام هذا الواقع الإنساني المأساوي، فإن العرب، وقبل أي أطراف أخرى، مسؤولون أخلاقيًا وإنسانيًا عن تقديم كل أشكال الدعم المطلوبة لإخوانهم العرب، ولا يجب أن يقتصر الأمر فقط على تقديم واجب العزاء وإرسال البرقيات وإعلان الحداد وغيرها من المراسم الرسمية المعتادة، لأن الواجب الحقيقي يكون بالسعي ومحاولة التخفيف من وقع الكارثة بكل الوسائل المادية المتاحة، وهو ما يحتاجه أخواننا العرب في كل من المغرب وليبيا المنكوبين.