لم يكن التاسع من آب يومًا عاديًا في ذاكرة اللبنانيين، ولن يكون. حادثة جسدت بكل تفاصيلها حقيقة ما يجري في هذا الوطن، الموزع بين دفّتي الوفاء والغدر، الكرامة والخيانة.
شبان ثلاثة، أبطال بكل ما تحمله الكلمة من معاني الشرف والتضحية والرجولة، وقفوا وثبتوا ودافعوا وخرجوا منتصرين من معركة غدر الكحالة، بعضهم شهيدًا، وبعضهم حيًا، وكلهم برتبة بطل شريف.
“شركاء الوطن” كانوا طرفًا في هذه المعركة، لا بل كانوا هم من تسببوا بها، ميليشيات الحرب الأهلية التي استنزفت بلدًا بكل أركانه، أعادت البارحة تفاصيل هذا المشهد إلى أذهان اللبنانيين، من باب إنعاش فتيل الفتنة التي ما خمدت في أنفس زعمائهم يومًا.
حزب الله أصدر البارحة بيانًا توضيحيًا للإشكال الذي وقع عند كوع الكحالة في منطقة عاليه في محافظة جبل لبنان، وأفاد البيان أنه تتم متابعة الأمر لإنهاء الإشكال، ومن جهتها أصدرت كتلة الوفاء للمقاومة اليوم بيانًا آخر أدانت فيه مجددًا ما حصل، مؤكدة أن كل ما نجم عن أحداث البارحة هو بعهدة التحقيقات الجارية بانتظار تأكيد الوقائع وكشف المتورطين والحاقدين وسوقهم للعدالة.
على وقع شعار “المقاومة خيارنا”، زفت المقاومة اليوم شهيدها، لا بل شهيد الوطن بأجمعه، ما عدا هؤلاء لا يشبهوننا بشيء، لا هم شركاء ولا أخوة في هذا الوطن، ولا صفة تنطوي عليهم سوى العمالة، وهذا الظهور المليشياوي عقب انقلاب شاحنة المقاومة، ما هو إلا دليل واضح مؤكد على عمالة هؤلاء وسعيهم لخدمة العدو الإسرائيلي بكل الوسائل والطرق، حتى وإن كان ثمن هذا الدم!
تتجه الأنظار اليوم إلى قرار وموقف القيادة الحكيمة من هذا الحدث الأليم، القيادة العظيمة التي صانت البلاد من غطرسة عدو الخارج، وغدر وكراهية عدو الداخل، هذه القيادة الشجاعة الحكيمة التي نضع فيها ثقتنا وحبنا ومصيرنا، ونبذل لأجلها أرواحنا ودماءنا، القيادة التي ما تركت شعبها يومًا وقدمت أبناءها على مذبح هذا الوطن، على أمل أن يكون عدو الداخل والخارج قد أدرك حقيقة ثابتة مدى التاريخ وعلى امتداد الأجيال: كل يد ستمتد إلى سلاح هذه المقاومة “ستقطع”.