بصورة مفاجئة، أعلنت طهران والرياض عن نيتهما استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح السفارتين في البلدين خلال شهرين. الإعلان خرج في بيان مشترك، بعد قمة سعودية إيرانية عُقدت في العاصمة الصينية، بوساطة من الرئيس تشي جينبينغ، وذلك استكمالاً لجولات حوار سابقة جمعت مسؤولين سعوديين بنظرائهم الإيرانيين في أكثر من عاصمة عربية، من مسقط، إلى عمّان، وبغداد، بين عامي 2021 و 2022.
وعقب الإعلان، أشار الجانبان إلى توافقهما حول عدد من البنود، أبرزها مبدأ احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين، وتنفيذ اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام 2001، على أن يُعقد اجتماع قريب، على مستوى وزيري الخارجية، للبحث في تنفيذ هذا الاتفاق واتخاذ الترتيبات اللازمة لتبادل السفراء. وفي حين شدّد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني على أن المفاوضات مع الجانب السعودي، خلُصت إلى صيغة “لحل القضايا العالقة بين البلدين بشكل نهائي”، كان وزير خارجية الرياض فيصل بن فرحان يؤكد انطلاق الاتفاق من رؤية القيادة السعودية “القائمة على أولوية الحلول السياسية”.
هكذا، وبعد سنوات من التوتر الدبلوماسي بين القوتين الإقليميتين على خلفية أزمة الحج عام 2015، ومن ثم القطيعة الدبلوماسية عقب اقتحام متظاهرين إيرانيين للسفارة السعودية في طهران، على خلفية إعدام رجل الدين السعودي المعارض، نمر النمر عام 2016، لاح ضوء في آخر نفق العلاقات السعودية الإيرانية.
وعلى الفور، سال حبر كثير بشأن الآفاق المتوقعة والمحتملة للتقارب السعودي الإيراني على ملفات المنطقة، التي تقف فيها #الرياض وطهران على طرفي نقيض، وتحديداً في اليمن. بالنسبة للبعض، يندرج هذا الانفتاح السعودي المستجد على إيران، في سياق انفراجات شهدتها المملكة العربية السعودية مع عدد من خصومها الإقليميين خلال الأعوام القليلة الماضية، وعلى رأسهم قطر، وتركيا.
هذا، وتكشف مصادر دبلوماسية غربية مطلعة على الملف اليمني، أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت تكثيف المفاوضات الدائرة في الكواليس بين السعودية، وحركة “أنصار الله”، مشيرة إلى أن طرفي النزاع أصبحا أقرب من أي وقت مضى من التوصل إلى اتفاق يتيح للرياض التخفيف من وطأة انخراطها العسكري في #اليمن ، وإن بصورة نسبية، وتدريجية. تتقاطع تلك التسريبات مع ما تسرّبه الباحثة في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية”، سينتيا بيانكو، بشأن إصرار الجانب السعودي في جولات المحادثات المتعددة مع إيران على “أن عودة العلاقات مع طهران يجب أن تقترن بدور نشط، وبنّاء من قبلها لإنهاء الحرب في اليمن”.
وفي هذا السياق، يشدّد موقع “المونيتور” على أنّ السعوديين ما كانوا ليوافقوا على تحسين علاقاتهم الدبلوماسية مع #ايران ، لولا وجود تنازلات، أو توافقات مشتركة حيال الأزمة اليمنية. تأسيساً على ذلك، يوحي كبير الباحثين في “معهد دول الخليج العربية” حسين آيبش، بوجود احتمالات كبيرة بأن تكون إيران “قد قطعت وعوداً بأن تضغط على حلفائها في اليمن، ليظهروا استعداداً أكبر لإنهاء الصراع الدائر هناك”، مستدركاً بالقول “إن التفاهمات التي يمكن أن تكون السعودية وإيران قد توصلتا إليها خلف الكواليس، غير معروفة حتى الآن”. بدوره، يربط توربجورن سولتفيدت، وهو باحث في مركز “Verisk Maplecroft” الاستخباري، بين التقارب السعودي الإيراني، والتوتر بين واشنطن و #طهران ، معتبراً أن الأمر يبدو منطقياً في ظل جمود المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني. ويشرح أن ” #السعودية ، وفي ظل غياب أي إطار لتخفيف التوترات الإقليمية بصورة أشمل وأوسع بين واشنطن وطهران، تدرك حاجتها للتحرك بصورة استباقية في إدارة علاقاتها مع إيران”، في إشارة إلى قلق الرياض من التداعيات الكارثية لأي مواجهة أميركية إيرانية على مصالحها وأمنها.