نوح عواضة – خاص الناشر |
تزدحم منصة نتفلكس بالأفلام الداعمة لـ”إسرائيل”، بل تدعم الحكومة الاسرائيلية انتاج الأفلام التي تلمع تاريخ الكيان وتأسيسه، فيما تقتصر الأفلام العربية في نتفلكس على أمور اجتماعية تعنى بحرية المرأة والترفيه. ولكن في شهر نوفمبر اطلق فيلم “فرحة” الفلسطيني الذي يتحدث عن نكبة 1948 حينما تعرضت القرى الفلسطينية لعمليات تطهير عرقي من قتل وتهجير من قبل العصابات الإسرائيلية.
يتحدث الفيلم “فرحة” للمخرجة الأردنية نادين سلام عن الطفلة فرحة التي تحب الدراسة و ترفض ضغوط والدها “المختار” للزواج المبكر، بل استطاعت اقناع والدها بالذهاب الى المدينة لإكمال دراستها، ليبدأ هجوم العصابات الصهيونية على القرية، فتعود فرحة من منتصف الطريق الى والدها الذي يقوم بتخبئتها في غرفة المونة، وهنا تبدأ فصول عزلتها وانتظار والدها لأيام، ومشاهدة المجازر.
لم يعجب الفيلم الإسرائيليين فقاموا بحملة من التقييمات السلبية على موقع IMDb ونتفلكس لخفض تقييم الفيلم بهدف التقليل من فرص عرضه على واجهة الموقع. ومعظم التعليقات الإسرائيلية كانت تتهم الفيلم بالكذب وتصفه بالانحياز. وقد شغل الفيلم الإدارة الإسرائيلية أيضًا التي نسقت تصويتًا إلكترونيًّا لخفض تقييم الفيلم، فقامت مجموعة من الحسابات غير الموثقة بتسجيل مراجعات سلبية للفيلم.
وزير الثقافة هيلي تروبر الإسرائيلي قال إن فيلم “فرحة” يصور “أكاذيب وافتراءات، وعرضه في دار عرض إسرائيلية وصمة عار” ، كذلك وزير المالية في الحكومة المنتهية ولايتها أفيغدور ليبرمان، قال “من الجنون أن نتفليكس قررت بث فيلم هدفه كله خلق رواية كاذبة وتحريض ضد الجنود الإسرائيليين”. وأضاف أنه سينظر في سحب تمويل الدولة من مسرح السرايا في بلدة يافا، ذات الغالبية العربية، التي عرضت الفيلم، بينما علق مدير دار العرض محمود أبو عريشة قائلًا “جاء ردنا على التحريض ضد الفيلم بأننا مضينا في عرضه”.
يسرد الفيلم تفاصيل الطفلة فرحة المحتجزة داخل غرفة المونة حيث لا يستطيع المشاهد الا تخيل نفسه مكان الطفلة التي تشبه الشعب الفلسطيني المحاصر، حيث تفتح فرحة علب المونة لتناول الطعام وانتظار المطر لشرب المياه، حتى شاهدت من ثقب الباب جريمة قتل العائلة ورضيع وُلد للتو، ولم يكن سبيل خروجها من الغرفة سوى مسدس وجدته في أكياس العدس.
مقابل الحملة الإسرائيلية شنت حملة فلسطينية عربية لدعم الفيلم، فعاد وسجل الفيلم مشاهدات مرتفعة محافظًا على صدارة ظهور الجمهور، كما عرض الفيلم في مهرجانات دولية وعربية وحصد الجوائز.
لماذا يستنفر الكيان بوزرائه وموظفيه الرسميين وجيشه الالكتروني لمحاولة منع عرض الفيلم؟ الفيلم استطاع دخول منصة نتفلكس الأكثر انتشارًا في العالم وبذلك تكون هناك فرصة أكبر لمشاهدة القصة الحقيقية لفلسطين التي تخيف المجرم الإسرائيلي الذي يستعين بشركات الإنتاج العالمية لتلميع تاريخه الدموي، الا ان فيلمًا واحدًا حقيقيًا يعتمد على طفلة أقوى من مئات الأفلام المزورة المدججة بالنجوم.