خضر رسلان* – خاص الناشر |
قلما تجد مساحة جغرافية على مساحة العالم تنافس مدنًا ومقاطعات في شهرتها كالضاحية الجنوبية لبيروت. ففي حين تميزت واشتهرت مدينتا هيروشيما وناغازاكي اليابانيتان واللتان جمعتهما قواسم الدمار والضحايا ورائحة الموت وامتازت مدينة ستالينغراد بأنها قهرت هتلر وجيشه، فإن الضاحية سيكتب عنها التاريخ أنها رغم ما أصابها من دمار وتدمير كحال هيروشيما وناغازاكي فإنها كمدينة سان بطرسبورغ ستالينغراد بصمودها استطاعت تغيير معادلات وصناعة قادة وثوار قهروا الجيش الذي كان يدعي أنه لا يقهر وروضوا رعاته وادواته.
هذه الضاحية الشموس ضاحية العز وموئل الشهداء وصانعة التاريخ رغم أن الإباء والفخر يعتلي قاطنيها وصوتها هدار في ارجاء العالم تراها تقف مشدوهة وكلماتها عاجزة عن هول المشهد، فالإسمنت الثابت يلتف حول منافذ أزقتها والمتحرك منها يشد الخناق على أهلها وناسها، حركة سيارات في ظل ارتفاع أسعار المحروقات تراها كثيفة مزدحمة ولا يعود سبب ذلك الى ضيق مساحتها الجغرافية وإن كان ذلك من العوامل المساعدة الا أن مرد ذلك يعود الى الأمر غير المفهوم لغالبية الناس التي تسأل:
أولًا الحواجز الامنية
فمن المعروف ان الخطة الامنية التي وضعتها الاجهزة الرسمية اللبنانية والتي بموجبها تشددت بالإجراءات عند منافذ الضاحية وذلك اثناء وجود الجماعات التكفيرية، وبناء على ذلك الأمر أغلقت العديد من الطرقات نهائيا وتم التشدد في القسم الاخر. والسؤال هنا بعد تراجع الخطر والأسباب التي لأجلها جرى التشدد في الاجراءات الامنية، فلماذا يتم الابقاء على الكثير من الطرقات مغلقة وابقاء الاحجار الاسمنتية الكبيرة على منافذ الضاحية والتي تساهم مساهمة كبيرة في زيادة زحمة السير الخانقة؟ وهذا كلام ليس تطفلًا أو تجرؤًا علمًا أن العديد منها بعد اجتياز العوائق الاسمنتية تكون خالية من تواجد اي عنصر أمني وإن وجد قد لا ينظر الى السيارة أو أنه منشغل على هاتفه بعد أن يكون السائق قد أهدر اعصابه ووقته الثمين في الوقوق خلف طابور من السيارات. هذا فضلًا عن هدره لمادة البنزين النادرة والباهظة الثمن، مع ما تراه على وجوه الناس من غضب وتأفف.
ثانيًا: البلديات والسلطات المحلية
إن من اهم موجبات الشرطة البلدية أن تعمل بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الرسمية على إزالة كل ما يعرقل حياة الناس اليومية. الا ان كثافة حركة الاسمنت المتحرك في الضاحية دون رقيب أو حسيب ترفع من وتيرة التوتر وتزيد فاتورة الاعباء والاكلاف على المواطنين ومنها حركة الصرافين في الشوارع الرئيسية والعامة وبشكل كثيف جدًّا والتي تعيق حركة الناس وزحمة السيارات المترافقة مع التوتر العام للسائقين على الصعيدين الجسدي والتعب النفسي والمالي من جهة وللهدر الحاصل في الوقود نتيجة للمكوث الطويل والمتقطع لطوابير السيارات فضلًا عن عرقلة الشؤون الحياتية للمواطنين الذين يسألون عن دور البلديات في تنظيم ذلك، وليس المطلوب قطع ارزاق الناس في ظل الضائقة الاقتصادية المستشرية بل العمل على تنظيم ذلك بما يسهل حركة السيارات والمواطنين.
عيون الناس تتلفت يمينًا ويسارًا تترقب في صمت مشهدًا آخر يبعث على الأمل. يتعلقون بأمل ولن يكون وهما فالضاحية تستحق واهلها يستحقون.
*كاتب لبناني