أيها الشهداء دماؤكم أحيت الأمة

حلّ تشرين علينا، تشرين المحمّل بعبق الشهادة والدماء الزكية، بذكرى الشهداء الحيّة في ذاكرة العقل والقلب، تشرين الذي رسمت فيه معالم الانطلاقة نحو عصر جديد وزمن جديد من النصر والشهادة.

11-11 كان يوم الانطلاقة، منه كانت البداية، بداية بشارة النصر الأولى، بداية أنفاس الحرية بعد زمن من الذل، بداية عصر دحر العدوان والعيش بعز وكرامة.

الشهيد أحمد قصير.. فاتح عهد الاستشهاديين
إنه الحادي عشر من تشرين الثاني، اليوم الذي ما زال حاضرًا في أذهان العدو قبل أذهان اللبنانيين، اليوم الذي جسد فيه فاتح عهد الاستشهاديين الشهيد أحمد قصير بطولة غيرت وجه الزمن، ووضعت حجر الأساس لعهد من الشهادة المكللة بالنصر، عهدًا واضح البداية والأهداف والمعالم.

احمد قصير أدخل حينها المحتل الصهيوني في نكبة بعد الضربة المؤلمة للمركز القيادي له اي مقر الحاكم العسكري في صور حيث نفذ عملية استشهادية بالمبنى مخترقا الاجراءات والتحصينات موقعًا 141 قتيلًا للاحتلال وعشرات الجرحى والمفقودين مما اوقع الارتباك الكبير في صفوف المؤسستين العسكرية والأمنية في جيش الاحتلال. وقد اثارت عملية الشهيد احمد قصير جدلًا داخل كيان الاحتلال، في وقت سعت قيادته الى طمس الحقيقة بالزعم ان العملية كانت انفجار غاز.

الشاب الجنوبي العاملي، ابن الثامنة عشر ربيعًا، الذي تميز منذ الصغر بثقافته وحبه للمطالعة، وبالتزامه منذ بداية سن تكليفه، واتصف بحسن خلقه وطيب معشره، وإحسانه إلى الفقراء وشجاعة قل نظيرها، والذي لم يكشف عن اسمه إلا بعد عام من استشهاده بناءً على وصيته حينها، سطّر بعمليته تلك أسمى معالم البطولة والشهادة، فعنده كانت البداية، ومعه دخل لبنان والمنطقة في زمن آخر، زمن ولّت فيه الهزائم وبدأت معه الانتصارات.

اليوم وبعد مرور 40 عامًا على العملية التي تكللت بالشهادة، ما زال لبنان وشعبه ومقاومته يحيون هذه الذكرى المقدسة تعبيرًا عن الافتخار بمن قدموا ارواحهم وحفظًا لإنجازاتهم ووصاياهم وطريقهم الوفي المقاوم طريق الاسلام المحمدي الحقيقي.

لنكن الأوفياء لإرث الشهداء.. لنحفظ الأمانة والوصية
بذل الشهداء أرواحهم ودماءهم في سبيل الحفاظ على الكرامة والدفاع عنها، أعاروا الله عقولهم وقلوبهم وتركوا خلفهم الدنيا وتعلقوا بالله فقط، وكان ختام هذا التعلق شهادة.

إن واجبنا كأفراد وأمة ومجتمع مقاوم، يكون في الدرجة الأولى في الحفاظ على هذا الإرث المقدس، وتربية الأجيال عليه، بأن تاريخنا الحقيقي صنع بالدم وبلغة الشهادة، بعيدًا عما ينسج في المناهج والتاريخ المكتوب.

من ناحية ثانية، فإن لإحياء هذه الذكرى أثرًا كبيرًا، ينعش ذكرى الشهداء التي لا تغيب، في قلوبنا وفي وجداننا، إن كان عبر إقامة مراسم الإحياء المركزية والفرعية، والعمل إعلاميًا -عبر وسائل التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة- وبشكل مكثف على تخليد هذه الذكرى وتبيان أهميتها وفضل الشهداء علينا في تحرير أرضنا ودحر العدو، والوقوف في وجهه والاستعداد لمواجهته في أي مكان وزمان، وهذا الإنجاز الإلهي العظيم، ما كنا لنصل إليه لولا أرواح الشهداء ودمائهم الزكية.

وفي هذا الإطار، تتعدد النشاطات التي يقيمها حزب الله في هذه المناسبة، يأتي في مقدمتها الإحياء المركزي الذي يقام عند الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر يوم الجمعة في 11 تشرين الثاني، والذي يتحدث فيه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله)، يضاف إليه الإحياء الذي يقام في مختلف المناطق اللبنانية تخليدًا لذكرى الشهداء وصونًا لدمائهم المقدسة.

لم يكن الحادي عشر من تشرين مجرد ذكرى، كان تجديدًا للعهد والوفاء لمن أطلقوا فينا الشرارة الأولى، والوحي الأول، لمن جددوا في الأمة روح الثورة والجهاد والدفاع عن الحق.

أيها الشهداء، كنا أمواتًا قبلكم، وأنتم أحييتم روح الحياة فينا، هنيئًا لكم هذه الكرامة الإلهية التي خصكم الله بها، وهنيئًا لنا ولأهل الجنان بكم.

احمد قصيراساسيلبنانيوم الشهيد