بسؤال لا يحتاج سوى الإجابة بـ “لا” من دون أي سابق تفكير، لم تجرؤ الممثلة اللبنانية باميلا الكيك على الإجابة المباشرة عن سؤال “مع أو ضد التطبيع مع إسرائيل؟” بل لجأت إلى “الفلسفة الإعلامية” مع القليل من نبرة الصوت المُستهجِنة لتقول “ما فيني قلّك مع أو ضد، لأنه “مع” لها الكثير من الأسباب، و”ضد” لها الكثير من الأسباب”، وأضافت: عليّ أن أخبرك أوّلًا عن عدد الأفلام الوثائقية التي شاهدتها وأشرح لك عن “الخريطة”.
تحتاج باميلا ساعتين من وقت “ناس بيفهموا” كي تشرح لهم سبب تأييدها للتطبيع مع الكيان المؤقت العدو الإسرائيلي رغم أنها كانت تبلغ من العمر 12 سنة حين حُرّر لبنان من عدوٍ احتل أرضنا، وأرضها، اللبنانية، لسنين من الزمن. وكذلك كانت تبلغ من العمر 18 سنة عندما اجتاحوا لبنان عام 2006 وحقّقت المقاومة اللبنانية نصرًا لم يشهده أحدٌ من العرب، وكذلك تشهد الاختراقات الدورية للبلد من قبل العدو الإسرائيلي ومحاولة سرقة أراضينا الجنوبية المحتلة منه حتى الآن، وكذلك الحدود البحرية المشتركة مع فلسطين المحتلة. أي إنها تعي جيّدًا ما عاناه اللبناني والبلد من عدوٍّ غاشم كهذا.
وفي محاولة منها لتبرير الموقف سريعًا، قالت في جملتها الأخيرة عن الموضوع “بدي نصير بلد بقى”، مُروّجةً لفكرة قد سعى لها العدو لسنوات، وما يزال، من دون انتباه منها أو انتباه، لا أحد يعلم، وهي السير في طريق التطبيع إيمانًا أن لبنان سيصبح أفضل إن صافح الصهيوني وبنى له السفارات كما فعل رعاة صفقة القرن في الخليج العربي وبرج خليفة.
ورغم أنها ليست المرة الأول التي يقوم بها أحد الفنانين اللبنانيين بالتعبير عن تأييدهم للتطبيع بطريقة أو بأُخرى، أو حتى إعلان حيادهم عن القضية الفلسطينية إلّا أنه لا بُد من تسليط الضوء على هذه الظاهرة التي قد تنتشر فيما بعد في داخل الفن اللبناني مكرّسة مبدأ التطبيع والقبول بالعدو أو حتى أن يمرّ هكذا موضوع مرور الكرام أمام الجمهور والمتابعين وتكريسها في لا وعي اللبناني وخاصّة الأجيال الصاعدة.
وهنا لا بُد من التركيز على ضرورة مواجهة هذه الفوعة الإعلامية التي نشهدها منذ مدّة حيث يشجّع أحد الإعلاميين على التطبيع، مثل مارسيل غانم مثلًا، وتؤيد إحدى الممثلات التطبيع مسلّحةً بأسباب خاصة لا يعلمها أحد سواها، ومن أجل أن يصبح البلد بلدًا، كما قالت. لذلك لا بُد أن يقوم اللبنانيون بعدد من الخطوات في مواجهة هذه “الفورة” التطبيعية أقلّها مقاطعة أفلام هؤلاء ومسلسلاتهم، وإلغاء متابعتهم افتراضيًا.
لقد وصفت باميلا الكيك كل من سيعترض على كلامها بـ “المفكرين والفطاحلة” وذكرت أنها تريد “ناس بيفهموا” كي تشرح لهم أسباب دعمها للتطبيع. لذلك، وبلكوننا معترضين على التطبيع، لا بدّ أننا نشكل جزءًا هامًا من هؤلاء الفطاحلة، وسنرد باسمهم: إن التطبيع لم يكن يومًا وجهة نظر ولا رأي ولا حتى سؤالًا يحتاج لـ “ساعتين” أو حلقة إعلامية كاملة للحديث عن التأييد أو العكس، بل إن العداء للعدو الإسرائيلي كان وما يزال يشكّل هُويّةً عربيّة لكل من يرفض اغتصاب الأرض ونهب الخيرات والتعدي على الحُرمات وحفظ الكرامات. وأخيرًا، إن كان ازدهار لبنان والدول العربية والشعب العربي مقرونًا بمصافحة “الإسرائيلي” وتوقيع معاهدات السلام على جثث أطفال فلسطين ولبنان والعالم، فلا أهلًا ولا سهلًا بالازدهار.