نظرت مليًا الى وجهك يا محمد (محمد العجلوني)، وتفرست في تفاصيله، فلم أجد فيه إلا الكثير من الأمان، ولا شيء من فزع، بل تملكتك الحيرة وأنت ترى ما لا تعرفه ولم تجربه، فقلبك لا يعرف إلا الحب الذي أصبت بمتلازمته.
كثيرًا ما أسمع، وعند استهداف طفل أو حالة انسانية ضعيفة كذوي الاحتياجات الخاصة أو امرأة، من هم من محور معاد للامبراطورية، اتهامات للامبراطور الاميركي بأنه يتعاطى بازدواجية المعايير، ولا بد من أن يوحد هذه المعايير ويلتفت الى خطئه الجسيم، و.. و..
مشكلة الامبراطورية ليست بالازدواجية، فمعاييرها واضحة وثابتة، ولا بد لنا نحن أن نعرف كيف تتحرك، ومن أي منطلقات فلسفية وفكرية، وعلام ترتكز في مقاربتها للظواهر والمواقف.
القارئ بتمعن وتبصر للفلسفات التي تقوم عليها سياسة هذه الامبراطورية، لا يستهجن سلوكها الديماغوجي، وأن قضية الهيمنة والاحتلال ومصادرة الموارد وسرقتها هي في صلب ديناميكية الامبراطورية، والآليات هي تفاصيل يُخطط لها في سبيل الوصول الى الاهداف الاستراتيجية.
فعندما يحتاج الامر الى تعاطف مع ظاهرة انسانية يُظهر الامبراطور نفسه في حلة انسانية مميزة، وفي مورد آخر قد يحتاج الى عدم الاهتمام فلا يهتم، وقد تحتاج ظاهرة أخرى الى هجوم وقتل دون هوادة فيبرز بوجهه الحقيقي البشع، وغيره من المواقف، فللإمبراطور مصنع للأقنعة يعمل فيه كبار مستشاري النفاق، يلبسونه الوجه المناسب للموقف والمتلائم مع تحقيق مطامعه التي لا تقف عند حد معين. وهذا الامر ينسحب على حلفائه وملحقاته والاذناب؛ ترى تعاطفًا مع قضية طفل في مكان ما، (لن اذكر الحالات حتى لا اتهم بما لا اريد)، ولكن في فلسطين واليمن وسوريا ولبنان وايران والعراق، فلا مكان للتعاطف بل للاعتداء والسحل والقتل لتلك الطفولة البريئة.
وليكن معلومًا أن الظواهر الاجتماعية الكارثية التي يسببها الامبراطور بالمباشر أو بغير المباشر، لا تُعد ولا تحصى، والاضاءة على ازمات دول محور المقاومة ليس بريئًا عند اذناب الامبراطور، فالهدف اظهار ما تعانيه وربط السبب بمعاندة الامبراطور، ولكن هل سألنا عن الدول الافريقية التي تموت جوعًا وهي تمتلك اهم الموارد وأكثرها؟ وهل بحثنا في الارقام الدالة على اقترافات الامبراطور في الدول الافريقية، أو سألنا انفسنا عن ازمات اميركا الجنوبية وما علاقة الامبراطور بها؟
ليس في قاموس الامبراطور مفردة انسانية أو اي تفسير لها، في قاموس الامبراطور مصلحته فقط، في قاموسه أنا ولا احد، يُترجمها في كل مكان يصل اليه، ومخطئ من يعتقد أن للامبراطور رأفة بشعبه. ألم نرَ التمييز العنصري والتمييز المناطقي والماكارثية والرأسمالية الجشعة والتضليل، حيث المطلوب أن يبقى الشعب في الحظيرة يأكل وينام كالاغنام، ولا يهتم بالامور السياسية الاساسية والفكرية والاتجاهات والحرية بالمعنى الانساني إلا ما يمليه عليه الامبراطور، فيرتاح من قلق أي تمرد داخلي؟
الامبراطور ابقى الدمار لسنوات في نيو اورلينز بعد اعصار كاترينا، لأن مصلحته تطلبت ابقاءه، الامبراطور يتغاضى عن 1000 قتيل شهريًا في بلده، لأنه لا يريد وقف بيع الاسلحة لناسه، وهو لن يوقف المطاعم التي تنتج القتل والسموم لأنها مطاعمه.
الامبراطور لا يعرف الا ابتلاع كل شيء، ولكن ولأنه يدرس ويخطط فإنه يختار الوسيلة الافضل، فمرة يبتلعك مبتسمًا واخرى محايدًا وفي الكثير من الاحيان “مكشرًا”، وعليه فلا علاج له الا بالمواجهة وقطع اياديه التي تصل الى كل تفاصيل حياتنا، حتى وصلت الى اماكن لا نستطيع ذكرها.. والسلام.