ما زالت الشعوب العربية تقدس الشعارات الرنانة والمظاهر المبتذلة التي يستعملها أعداء الشعوب مرارًا وتكرارًا للوصول الى هدفهم في تفرقة هذه الشعوب وزعزعة الأمن الداخلي في البلاد، مع العلم أن الشعارات تكون أحيانًا كلمة حق ولكنها يراد بها باطل.
١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ كانت بداية حراك شعبي في لبنان لتحقيق مطالب الفقراء، قبل أن تتحول إلى خريطة اميركية واضحة لمحاصرة المقاومة من قبَل اللبنانيين. هذا الحراك سُمّي بالثورة، وهذه التسمية في الواقع كارثية مقارنةً بتاريخ الثورات في العالم. ويعود هذا الأمر لعدة أسباب منها التعريف العام للثورة، فهل يعرف الشعب اللبناني ما هي الثورة الحقيقية؟ أم أن جزءًا من “الثوار” اللبنانيين قد انجر للتحرك متأثراً بالثورات العربية كالثورة المصرية والسورية وغيرها؟ وهل اصلًا نجحت الثورات العربية لكي تكون نموذجًا ناجحاً للبنان؟ وهل كانت الثورات العربية مستقلة، واقعية، طاهرة؟ بالطبع لا.
الثورة تعني اخراج سلطة الظلم من الحكم ليحل مكانها البديل الوطني الشريف الذي يحقق العدل والعدالة للشعب، فهل هذا التعريف كان ظاهرًا في الثورات العربية؟ أين هو البديل الذي مثّل الشعب؟ هل الشعوب باتت راضية عن ثوراتها؟
لا بد من الإشارة إلى أن الثورات الناجحة لن ترضي جميع فئات المجتمع، ولكنها ثورات شرعية تترك في طياتها أثرًا على جميع الأصعدة، كالانتفاضات الفلسطينية ضد العدو الصهيوني، وخصوصًا انتفاضة القدس الأخيرة في ٥ مايو/أيار ٢٠٢١ التي انطلقت بروح ثورية مقدسية كي تنتصر ولو بأقل الامكانيات على الظلم والعدوان. فماذا تعلمنا من الثورات الحقيقية؟
لا يمكن ان تكون هذه ثورةً عندما تكون برعاية أميركية، ولا يمكن أن تكون هذه ثورة عندما تكون شبيهة المسمّاة الثورة السورية التي كانت سببًا بدمار سوريا خلال احد عشر عاما.
لماذا تم استخدام نفس عبارات الثورة السورية في الشارع اللبناني؟ هل كانت الثورة السورية مثالًا يحتذى به لاسقاط النظام الظالم؟
لم يكن السيد نصر الله مخطئاً ابدًا بدعوته للانسحاب من الشارع في ٢٥ تشرين الأول، أي بعد ثمانية ايام من بداية الحراك في الشارع، لأن المطالب تحولت من مطالب معيشية محقة الى مطالب مشبوهة، مع الاشارة ان السيد نصر الله كان داعماً للحراك السلمي الشريف، ولو تم شتمه شخصياً داخل هذا الحراك. فهل حزب الله كان مقصراً بدعم الثورة الحقيقية،أم انه داس على المخطط الأميركي الذي كان داعمًا وممولًا أساسيًا لتفجير الأمان بوجه حزب الله؟
في هذه الذكرى يجب أن نشكر حزب الله على حقن الدماء كما يجب أن تكون لدينا الثقة الكاملة بدوره بالمحافظة على السلم الأهلي ضد أي تعدٍّ على ساحة أمننا.