خطابات السيد في تموز: أعتى الأسلحة وأجملها


أيام الحرب ثقيلة، وليلاتها المضاءة بالقذائف والصاخبة بأصوات الغارات والقصف، طويلة ومقلقة. وإذا كان اليقين بالنّصر الإلهي هو الزّاد الذي أهّل حامليه ليكونوا أشرف الناس، وأعانهم على الصبر والصمود، فقد كانت إطلالات سيد النصر المبين السيّد حسن نصر الله وخطاباته طيلة فترة الحرب بمثابة المعين الأول على الصبر وعلى الصمود وعلى اليقين، كما كانت أحد أجمل وأعتى الأسلحة التي فاجأت الصهيوني وأرسلته إلى خزي الهزيمة صاغرًا وذليلًا.

من مِنا لا يتذكر تلك العبارات التي كنّا نصغي إليها ونحفظها عن ظهر قلوبنا كأدعية تُتلى فيزول الخوف.

من مِنا لم يملؤه العزّ حين قال العزيز للصهاينة: “أردتموها حربًا مفتوحة فلتكن حربًا مفتوحة”، في تحدٍّ شريف عظيم للصهاينة بعد زمن من هزائم ونكبات ومسارات استسلام دُعيت بالحلّ السلميّ وكانت حجّتها أنّ العين لا تقاوم المخرز؟

ومن نسي “ما بعد بعد حيفا..” تلك العبارة التي أصابت العنجهية الصهيونية في مقتل وأردت وهم التفوّق العسكري لدى الصهاينة؟

١٥ عامًا وما زال وقع “انظروا إليها تحترق” كما في ذلك اليوم المجيد. ففي كلّ مرّة نستعيد تلك الجملة الهائلة ينسكبُ فينا مجدّدًا فيضٌ من العزّ الذي ليس كمثله عزّ.

أما الرسالة التي وجّهها القائد الأمين إلى المجاهدين كردّ على رسالتهم إليه، فمن مِنا يستطيع مطالعتها اليوم دون دمع يباهي الدنيا بأنّه ممّن يستظلون كفّ هذا القائد الأب الحنون القويّ؟ لقد قال سيّدنا لأبنائه فيها: “جوابي لكم هو شكر لكم إذ قبلتموني واحدًا منكم، وأخًا لكم.. لأنّكم أنتم القادة وأنتم السّادة”. كلمات هزّت الدنيا بمن فيها، وحلّت على قلوب المجاهدين ضمّة فيها كلّ العاطفة التي يحيلونها طلقات في صدر العدوّ.

وفي المقلب الصهيوني، بكلّ دوله وأنظمته، كان وقع كلّ كلمة قالها السيّد نصر الله خلال الحرب لا يختلف عن وقع الصواريخ التي زلزلت كيان الاحتلال.

عمليًا، كان السيد ذو المصداقية الأعلى والروح الأنقى يدير الحرب النفسية ويسيطر على نفوس الأعداء ويرديهم. فإطلالاته من قلب الضاحية المستهدفة بالقصف على مدار الساعة لم تكن فقط إحدى مفاجآت تمّوز لا سيّما بعد أن عمد الصهاينة إلى إطلاق الشائعات حول اصابة السيد أو اغتياله لتدعيم وهم المستوطنين المتداعي أنّ كيانهم تمكّن من تحقيق أحد أهداف الحرب. كانت هذه الإطلالات تستحوذ على نفوس الصهاينة فينتظرونها لأنّهم لا يثقون بأحد من قادتهم كما يثقون بمصداقية السيّد نصر الله، وكان يكفي أن يقول لهم إنّهم مهزومون ليدركوا أنّهم حقًا مهزومون.

مرّت أعوام على تلك الخطابات التي شكّلت جزءًا من ذخيرة المقاومة في ساحة المعركة. مرّت أعوام على الكلمات التي حرص السيّد دائمًا على توجيهها محمّلة بأعلى درجات الحبّ إلى أهل المقاومة، ومسلّحة بأنقى القوّة وأشدّها إلى العدو.

مرّت أعوام تراكمت فيها الانتصارات، ومرّت خلالها الصعاب والمواجع، وتنقلت بنا من مرحلة إلى مرحلة أخرى من الصراع، وما زلنا أمام كل مقطع مسجّل من خطابات السيد حسن نصر الله في تموز ٢٠٠٦، نعود إلى ساعات الحرب مسلّحين بذاك اليقين الجميل، يقين سيظل اسمه نصرًا إلهيًا، نصرًا بشّرنا به السيّد نصر الله.

اساسيالمقاومةنصر اللهنصر تموز