عشرات الفضائيات العربية برؤوس أموال هائلة تقود منذ نهاية السبعينيات أشرس حرب على كل ما هو عربي ومسلم ناهيك عن فضائيات اجنبية تُموَّل بأموال عربية وبالذات سعودية واماراتية وقطرية. من هذه الفضائيات ما يَشنُّ حربه الإعلامية بشكل مباشر كالسعودية وفضائياتها ومنها مَن يدخل من أبواب متعددة كالذي ينصب الفخ لتقع فيه.
السعودية ترسل يومياً عشرات الفضائيات إلى المتلقى العربي بأغرب باقات إعلامية مثل باقة “روتانا”، وكلها لها مهمة وهدف ودور لا ينافسها احد عليه وهو تدمير العقل العربي وحذفه من خارطة العلم والعلماء والوعي المطلوب: “روتانا موسيقى”، “روتانا افلام كلاسيك”، “روتانا حديثة”، “روتانا عادية”، “روتانا خليجية”، وكلها تقدم ٢٤/٢٤ افلامًا متنوعة بحيث لا تستطيع أن تلتقط أنفاسك من ضغط الأفلام الهابطة التافهة المؤذية لكل أُسرة وشعارها يدل على ذلك (مش حتقدر تغمض عينيك)، اي انها تدين نفسها بنفسها ولا مجال لك ان تختار اي شيء سوى الطبق القذر الذي يقدمونه لك، و”روتانا موسيقى” ٢٤/٢٤ طقش وفقش وهشّك بشّك. وما يزيد من خطورة ذلك انهم يقدمون لك الراقصات والمغنّين والمغنيات بقالب “اسطوري” كي ترضخ وتنصاع لهم فيقولون “الراقصة اللهلوبة” و”شمس الأغنية” و “الملك” و”الفنانة الخالدة” و”الأسطورة”. فتصوّرْ عزيزي ماذا تفعل هذه الأسماء المهزلة المزيفة بفتى في مقتبل العمر او فتاة تبحث عن مستقبلها. وهكذا طوال النهار والليل. اما الروتانات الأخريات فَحَدِّثْ ولا حرج عن اللهو والعبث والتعري وتنمية الجريمة والسرقة والزنا. ومَن يُرِدْ أن يتأكد فليتابعها لمدة يومين فقط ليكتسف إلى اي عالم ينقلونك، وتأكد من حالك مما سيطر عليك خلال يومين.
لا بد من تسيير خط متوازٍ مع خط الاستسلام للعدو الصهيوني، ولا بد من فضائيات تجعل المواطن العربي هامشيًّا لا يسمحون له بالالتفات إلى ما يجري حوله، وهذا الخط تنفذه وتموله السعودية بكل جدارة وحقارة. والأفلام الأميركية التي تعرض على فضائيات السعودية غاية في الخطورة ومَن يتابعها هذا العام يجد انها تركز بشكل كبير على المسلمين في أفريقيا مما يدل على أن شيئًا ما يُحضّر لمسلمي أفريقيا الذين يقدمونهم غاية في التخلف والإجرام لإقناع المتلقي انهم لا يستحقون الحياة لذلك يجب استئصالهم. خمس فضائيات سعودية تقدم افلامًا أمريكية اتمنى من المشاهد ان يأخذ الحذر من الفيلم ويراه بعين الناقد لا المتفرج الساذج.
منذ بدأت بعض الأنظمة مد اليد للعدو الصهيوني كثرت هذه الفضائيات وجنّدت قدراتها المالية لضرب الفكر العربي وتراثه ودينه. ربما يتساءل القارئ العزيز: ماذا تريد السعودية من كل ذلك؟ نقول انها تنفذ أوامر أميركية، وثانيًا هذه الأسرة المالكة في الرياض وُجِدَت لتخريب العقل العربي والبيت العربي بما يضم من أُسَر طيبة نقية صادقة. وأقول بصراحة انهم حققوا بعض النجاحات في إبعاد الشباب والشابات العرب عن قضاياهم الأساسية والتي من المفترض أن تكون أَولى اهتماماتهم.
الحرب الناعمة تدخل كالنسيم الهادئ فتظن انها تدغدغ الوجه والروح لكنها سهام مسمومة لا تُبْقي ولا تَذَر.
حذارِ من اي شيء مصدره إماراتي او سعودي فما يقومان به هذه الأيام خير دليل على أنه ترجمة كاملة لكل ما بدأوه من حرب إعلامية على الأمة جمعاء.