يرتبط اسم حزب الكتائب اللبنانية بتاريخ من المباهاة بخدمة العدوّ الصهيوني، وإن كان خيار السلم الأهلي قد فرض مرارة طي صفحات المجازر التي ارتكبها الكتائبيون تحت إمرة جيش العدو، وجعل من حديث أمين الجميّل عن تعاونهم ككتائب مع “الإسرائيلي” مجرّد ذاكرة مرّ عليها الزمن؛ فالحاضر الكتائبي يتولّى بنفسه نبش هذا الماضي الحافل بالعار. ولعلّ ثنائية سامي ونديم وحضورهما شبه الدائم على منصات التواصل للتعبير عن كتائبيتهما المتجذّرة، تعيد إحياء ذاكرة اللبنانيين، بل تعيد التاريخ ولكن بنسخة “المهزلة”.
سواء ظهرا كمتنافسَين على زعامة الشارع الكتائبي الواهن، أو متآخيَين في فريق واحد يحاول لملمة شتات المشروع الكتائبي الساقط في البلد، ورث كلّ منهما عن أبيه سيلًا من المواقف والمحطات السيّئة الذكر والسّمعة، ولا يكفّ واحدهما عن إضافة ما يستطيع على إرثه، مع “رشّة” من البصمة الشخصية والتي تتسم لدى الاثنين بالغباء – أو الاستغباء على أحسن تقدير – وباستعجال تقديم أوراق اعتماد تجعلهما كأبيهما اسمين معتمدين رسميًا لدى بعض الجهات الخارجية. مع الإشارة إلى أنّه في الغالب، ملّت هذه الجهات من تشغيل الأدوات التي تنفق الأموال في مشاريع فاشلة، فلا تجدي نفعًا ولا تحقّق هدفًا، رغم تكرار المحاولة.
قبل فترة وجيزة، عاد نديم ليحتلّ الشاشات والمساحات الافتراضية كشخصية يُسخر منها، بعد أن أدلى بتصريح أقل ما يُقال فيه إنه سطحي ومتسرّع ولا ينمّ عن أدنى علامات الذكاء، وعلى قول المثل “الناس بالناس والقطط بالنفاس”، هبّ نديم مستنكرًا التأخر في تجديد رخص حمل السلاح لفريق حمايته، فسحب طلبات التجديد مستنكرًا على طريقة طفل غضب من تأخر أمه في إعداد وجبته المفضّلة، ودعا مناصريه، وليس فقط فريقه الأمني لحمل السلاح “بدون ترخيص”. بكلام آخر، حرد نديم في غرفته ومنها خاطب “المناصرين” – الذي لا تقبل شركة إحصاء بتعدادهم كونهم “مش محرزين” – بكلام يفتقد إلى أدنى حسّ بالمسؤولية، والأغلب الأعمّ أن صولانج داعبت خياله بمقولات وهمية عن “بطولة” أبيه فحاول محاكاتها بطريقة طفولية فتورّط في حديث جعله سخرية القاصي والداني.
أما سامي، وقد غفل عمّا قاله ابن العمّ، فقد صرّح في الوقت ذاته عن رفضه لأن يحمل أيّ لبناني السلاح خارج حضن الدولة. حضن الدولة التي تأخرت بسبب الإجراءات الروتينية عن تجديد رخص “نديم” فأغضبت الفرخ الكتائبيّ فيه ما دفعه لدعوة العشرات على أبعد تقدير إلى التسلّح، على اعتبار أنّ الكتائبيين ليسوا مسلّحين أصلًا. المهم، عبارة سامي الممجوجة والمستهلكة والكاذبة صارت مملّة، ككلّ أقواله، إلّا أنّها استجلبت بدورها الكثير من المواقف الساخرة، وأدخلته في منافسة مستحقة مع ابن عمّه، حول مَن يُضحِك الناس أكثر، رغم مرارة الوضع العام.
هذا التناقض الكتائبي، أو ما يبدو تناقضًا، لم يطل وقته، فاتحدّت كلمات الثنائي الأوهن حول قصّة رميش الركيكة. لقد استمتع الولدان حقًا بالكذبة التي كذباها، وتلقفاها كفرصة تعبيرية عن وجودهما، واعتبراها مناسبة جيّدة للقول للصهاينة “نحنا بالخدمة”، وما لم يتجرّأ الاثنان على قوله، قاله المناصرون الذين هبّوا يهدّدون ويتوعّدون ويجاهرون برغبتهم بمحاربة المقاومة. فعلى ارتفاع نسبة الادرينالين فاتهم أن أسيادهم حتّى أعلى هرمهم عاجزون عن ضرب هذه المقاومة.
بالنظر إلى تاريخ أمين وبشير، على ضعفهما، يمكن القول بضمير مرتاح وموضوعية هائلة إنّ الوريثين يشكلان نسخة أضعف وأوهن. فالأبوان، على ركاكتهما، استطاعا أن يكونا محلّ ثقة الصهاينة حدّ تشغيلهما والمراهنة عليهما، أما الابنان، فيكاد أيّ مشاهد يجزم أنّهما لا يصلحان لشيء سوى إضحاك الناس في عزّ الحرب!